فصل: ويجب على المولى الإيتاء وهو أن يضع عنه جزءاً من المال أو يدفع إليه جزءاً من المال لقوله عز وجل: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}[النور: ٣٣] وعن علي كرم الله وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية: "يحط عنه ربع الكتابة" والوضع أولى من الدفع لأنه يتحقق الانتفاع به في الكتابة ن واختلف أصحابنا في القدر الواجب فمنهم من قال: ما يقع عليه الاسم من قليل أو كثير وهو المذهب لأن اسم الإيتاء يقع عليه وقال أبو إسحاق: يختلف باختلاف قلة المال وكثرته فإن اختلفا قدره الحاكم باجتهاده كما قلنا في المتعة فإن اختار الدفع جاز بعد العقد للآية وفي وقت الوجوب وجهان: أحدهما يجب بعد العتق كما تجب المتعة بعد الطلاق والثاني أنه يجب قبل العتق لأنه إيتاء وجب للمكاتب فوجب قبل العتق كالإيتاء في الزكاة ولا يجوز الدفع من غير جنس مال الكتابة لقوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} فإن دفع إليه من جنسه من غير ما أداه إليه ففيه وجهان: أحدهما يجوز كما يجوز في الزكاة أن يدفع من غير المال الذي وجب فيه الزكاة والثاني لا يجوز وهو الصحيح للآية وإن سبق المكاتب وأدى المال لزم المولى أن يدفع إليه لأنه مال وجب للآدمي فلم يسقط من غير أداء ولا إبراء كسائر الديون وإن مات المولى وعليه دين حاص المكاتب أصحاب الديون ومن أصحابنا من قال: يحاص الوصايا لأنه دين ضعيف غير مقدر فسوى بينه وبين الوصايا والصحيح هو الأول لأنه دين واجب فحاص به الغرماء كسائر الديون وبالله التوفيق.