قولان: أحدهما يعتق لأنه قبضه بإذنه فأشبه إذا دفعه إلى وكيله والثاني وهو الصحيح أنه لا يعتق لأنه لم يقبضه للمولى وإنما قبضه لنفسه ولم يصح قبضه لنفسه لأنه لم يستحقه فصار كما لو لم يؤخذ وقال أبو إسحاق: هي على اختلاف حالين فالذي قال يعتق إذا أمره المكاتب بالدفع إليه لأنه قبضه بإذنه والذي قال لا يعتق إذا لم يأمره بالدفع إليه لأنه لم يأخذه بإذنه وإنما أخذه بما تضمنه البيع من الإذن والبيع باطل فبطل ما تضمنه.
فصل: إذا اجتمع على المكاتب دين الكتابة ودين المعاملة وأرش الجناية وضاق ما في يده عن الجميع قدم دين المعاملة لأنه يختص بما في يده والسيد والمجني عليه يرجعان إلى الرقبة فإن فضل عن الدين شيء قدم حق المجني عليه لأن حقه يقدم على حق المالك في العبد القن فكذلك في المكاتب وإن لم يكن له شيء فأراد صاحب الدين تعجيزه لم يكن له ذلك لأن حقه في الذمة فلا فائدة في تعجيزه بل تركه على الكتابة أنفع له لأنه ربما كسب ما يعطيه وإذا عجزه بقي حقه في الذمة إلى أن يعتق فإن أراد المولى أو المجني عليه تعجيزه كان له ذلك لأن المولى يرجع بالتعجيز إلى رقبته والمجني عليه ببيعه في الجناية فإن عجزه المولى انفسخت الكتابة وسقط دينه وهو بالخيار بين أن يسلمه للبيع في الجناية وبين أن يفديه فإن عجزه المجني عليه نظرت فإن كان الأرش يحيط بالثمن بيع وقضى حقه وإن كان دون الثمن بيع منه ما يقضي منه الأرش وبقي الباقي على الكتابة وإن أدى كتابة باقيه عتق وهل يقوم الباقي عليه إن كان موسراً فيه وجهان: أحدهما لا يقوم لأنه وجد سبب العتق قبل التبعيض والثاني يقوم عليه لأن اختياره للإنظار كابتداء العتق.