أصحابنا من قال هي على قولين: أحدهما أن القول قول من قلت قيمته وأن المؤدي بينهم أثلاثاً لأن يد كل واحد منهم على ثلث المال والثاني أن القول قول من كثرت قيمته لأن الظاهر معه فإن العادة أن الانسان لا يؤدي أكثر مما عليه ومنهم من قال هي على اختلاف حالين فالذي قال القول قول من كثرت قيمته إذا وقع العتق بالأداء لأن الظاهر أنه لا يؤدي أكثر مما عليه والذي قال إن القول قول من قلت قيمته إذا لم يقع العتق بالأداء فيؤدي من قلت قيمته أكثر مما عليه ليكون الفاضل له من النجم الثاني والدليل عليه أنه قال في الأم: إذا كاتبهم على مائة فأدوا ستين فإذا قلنا إنه بينهم على العدد أثلاثاً فأراد العبدان أن يرجعا بما فضل لهما لم يجز لأن الظاهر أنهما تطوعا بالتعجيل فلا يرجعان به ويحتسب لهما من النجم الثاني.
فصل: وإن كاتب رجلان عبداً بينهما فادعى المكاتب أنه أدى إليهما مال الكتابة فأقر أحدهما وأنكر الآخر عتق الحصة المقر والقول قول المنكر مع يمينه فإذا حلف بقيت حصته على الكتابة فله أن يطالب المقر بنصف ما أقر بقبضه وهو الربع لحصول حقه في يده ويطالب المكاتب بالباقي وله أن يطالب المكاتب بالجميع وهو النصف فإن قبض حقه منهما أو من أحدهما عتق المكاتب وليس لأحد من المقر والمكاتب أن يرجع على صاحبه بما أخذه منه لأن كل واحد منهم يدعي أن الذي ظلمه هو المنكر فلا يرجع على غيره وإن وجد المكاتب عاجزاً فعجزه أحدهما رق نصفه قال الشافعي رحمه الله: ولا يقوم على المقر لأن التقويم لحق العبد وهو أن يقول أنا حر مسترق ظلماً فلا يقوم ولا تقبل شهادة المصدق على المكذب لأنه يدفع بها ضرراً من استرجاع نصف ما في يده فإن ادعى المكاتب أنه دفع جميع المال إلى أحدهما ليأخذ منه النصف ويدفع إلى شريكه النصف نظرت فإن قال المدعى عليه دفعت إلى كل واحد منا النصف وأنكره الآخر عتق حصة المدعى عليه بإقراره وبقيت حصة المنكر على الكتابة من غير يمين لأنه لا يدعي عليه واحد منهما تسليم المال إليه وله أن يطالب المكاتب بجميع حقه وله أن يطالب المقر بنصفه والمكاتب بنصفه ولا يرجع واحد منهما بما يؤخذ منه على الآخر لأن كل واحد منهما يدعي أن الذي ظلمه هو المنكر فلا يرجع على غيره فإن استوفى المنكر حقه منهما أو من المكاتب عتقت حصته وصار المكاتب حراً وإن عجز المكاتب فاسترقه فقد قال الشافعي رحمه الله: إنه يقوم على المقر ووجهه أنه عتق نصيبه بسبب من جهته وقال في المسألة قلها لا يقوم فمن أصحابنا من نقل جوابه في كل واحدة منهما إلى الأخرى فجعلهما على قولين ومنهم من قال يقوم ههنا ولا يقوم في المسألة قبلها على ما