للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطل ولاؤه لأنه لا حرمة له في نفسه ولا ماله وإن أعتق عبد ذمي عبداً ثم لحق بدار الحرب فملكه عبده وأعتقه صار كل واحد منهم مولى للآخر لأن كل واحد منهما عتق الآخر.

فصل: وإن اشترك اثنان في عتق عبد اشتركا في الولاء لاشتراكهما في العتق وإن كاتب رجل عبداً ومات وخلف اثنين وأعتق أحدهما نصيبه أو أبرأه مما له عليه فإن قلنا لا يقوم عليه فأدى ما عليه للآخر كان ولاؤه للإثنين لأنه عتق بالكتابة على الأب وقد ثبت له الولاء فنقل إليهما وإن عجز عما عليه للآخر فرق نصيبه ففي ولاء النصف المعتق وجهان: أحدهما أنه بينهما لأنه عتق بحكم الكتابة فثبت الولاء للأب وانتقل إليهما والثاني أنه للمعتق خاصة لأنه هو الذي أعتقه ووقف الآخر عن العتق وإن قلنا إنه يقوم في الحال فقوم عليه ثبت الولاء للمقوم عليه في المقوم لأن بالتقويم انفسخت الكتابة فيه وعتق عليه وأما النصف الآخر فإنه عتق بالكتابة وفي ولائه وجهان: أحدهما أنه بينهما والثاني أنه للمعتق خاصة وإن قلنا يؤخر التقويم فإن أدى عتق بالكتابة وكان الولاء لهما وإن عجز ورق قوم على المعتق وثبت له الولاء على النصف المقوم لأنه عتق عليه والنصف الآخر عتق بالكتابة وفي ولائه وجهان.

فصل: ولا يثبت الولاء لغير المعتق فإن أسلم رجل على يد رجل أو التقط لقيطاً لم يثبت له عليه الولاء لحديث عائشة رضي الله عنها: "فإنما الولاء لمن أعتق١" وإنما في اللغة موضوع لإثبات المذكور ونفى ما عداه فدل على إثبات الولاء للمعتق ونفيه عمن عداه ولأن الولاء ثبت بالشرع ولم يرد الشرع في الولاء إلا لمن أعتق وهذا المعنى لا يوجد في غيره فلا يلحق به.

فصل: ولا يجوز بيع الولاء ولا هبته لما روى ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وعن هبته ولأن الولاء كالنسب والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "الولاء لحمة كلحمة النسب" والنسب لا يصح بيعه وهبته فكذلك الولاء وإن أعتق عبداً سائبة على أن لا ولاء عليه عتق وثبت له الولاء لقوله عز وجل: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ} [المائدة: ١٠٣] ولأن هذا في معنى الهبة وقد بينا أنه لا يصح هبته.

فصل: وإن مات العبد المعتق وله مال ولا وارث له ورثه المولى لما روى يونس عن الحسن أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل وقال اشتريته وأعتقته فقال هو مولاك إن شكرك فهو خير له وإن كفرك فهو شر له وخير لك فقال: فما أمر ميراثه؟ فقال: إن ترك عصبة فالعصبة أحق وإلا فالولاء وإن كان له عصبة لم يرث للخبر ولأن الولاء فرع


١ المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>