فصل: ولا يصح النكاح إلا بشاهدين وقال أبو ثور: يصح من غير شهادة لأنه عقد فصح من غير شهادة كالبيع وهذا خطأ لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل نكاح لم يحضره أربعة فهو سفاح خاطب وولي وشاهدان" ويخالف البيع فإن القصد منه المال والقصد من النكاح الاستمتاع وطلب الولد ومبناهما على الاحتياط ولا يصح إلا بشاهدين ذكرين فإن عقد برجل وامرأتين لم يصح لحديث عائشة رضي الله عنها ولا يصح إلا بعدلين لما روى ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل١" فإن عقد بمجهولي الحال ففيه وجهان: أحدهما وهو قول أبي سعيد الاصطخري أنه لا يصح لأنه ما افتقر ثبوته إلى الشهادة لم يثبت بمجهولين كالإثبات عند الحاكم والثاني يصح وهو المذهب لأنا لو اعتبرنا العدالة الباطنة لم تصح أنكحة العامة إلا بحضرة الحاكم لأنهم لا يعرفون شروط العدالة وفي ذلك مشتقة فاكتفى بالعدالة الظاهرة كما اكتفى في الحوادث في حقهم بالتقليد حين شق عليهم إدراكها بالدليل فإن عقد بمجهولين ثم بان أنهما كانا فاسقين لم يصح لأن حكمنا بصحته في الظاهر إذا بان خلافه حكم بإبطاله كما لو حكم الحاكم باجتهاده ثم وجد النص بخلافه ومن أصحابنا من قال فيه قولان بناء على القولين في الحاكم إذا حكم بشهادة شاهدين ثم بان أنهما كانا فاسقين وإن عقد بشهادة أعميين ففيه وجهان: أحدهما أنه يصح لأن الأعمى يجوز أن يكون شاهداً والثاني لا يصح لأنه لا يعرف العاقد فهو كالأصم الذي لا يسمع لفظ العاقد ويصح بشهادة ابني أحد الزوجين لأنه يجوز أن يثبت النكاح بشهادتهما وهو إذا جحد الزوج الآخر وهل يصح بشهادة ابنيهما أو بشهادة ابن الزوج وابن الزوجة فيه وجهان: أحدهما يصح لأنهما من أهل الشهادة والثاني لا يصح لأنه لا يثبت هذا النكاح بشهادتهما بحال.
فصل: وإذا اختلف الزوجان فقالت الزوجة عقدنا بشاهدين فاسقين وقال الزوج عقدنا بعدلين ففيه وجهان: أحدهما أن القول قول الزوج لأن الأصل بقاء العدالة والثاني أن القول قول الزوجة لأن الأصل عدم النكاح وإن تصادقا على أنهما تزاوجا بولي وشاهدين وأنكر الولي والشاهدان لم يلتفت إلا إنكارهم لأن الحق لهما دون الولي والشاهدين.
فصل: ولا يصح إلا على زوجين معينين لأن المقصود بالنكاح أعيانهما فوجب