للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالنكاح ولأن الوطء في إيجاب التحريم آكد من العقد بدليل أن الربيبة تحرم بالعقد تحريم جمع وتحرم بالوطء على التأبيد فإذا ثبت تحريم المصاهرة بالعقد فلأن يثبت بالوطء أولى واختلف قوله في المباشرة فيما دون الفرج بشهوة في ملك أو شبهة فقال في أحد القولين هو كالوطء في التحريم لأنها مباشرة لا تستباح إلا بملك فتعلق بها تحريم المصاهرة كالوطء والثاني لا يحرم بها ما يحرم بالوطء لقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: ٢٣] ولأنه مباشرة لا توجب العدة فلا يتعلق بها التحريم كالمباشرة بغير شهوة وإن تزوج امرأة ثم وطئ أمها أو بنتها أو وطئها أبوه أو ابنه بشبهة انفسخ النكاح لأنه معنى يوجب تحريماً مؤبداً فإذا طرأ على النكاح أبطله كالرضاع.

فصل: وإن زنى بامرأة لم يحرم عليه نكاحها لقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] وروت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل زنى بامرأة فأرد أن يتزوجها أو ابنتها فقال: " لا يحرم الحرام الحلال إنما يحرم ما كان بنكاح١" ولا تحرم بالزنا أمها أو ابنتها ولا تحرم هي على ابنه ولا على أبيه للآية والخبر ولأنه معنى تصير به المرأة فراشاً فلم يتعلق به تحريم المصاهرة كالمباشرة بغير شهوة وإن لاط بغلام لم تحرم عليه أمه وابنته للآية والخبر وإن زنى بامرأة فأتت منه ببينة فقد قال الشافعي رحمه الله: أكره أن يتزوجها فإن تزوجها لم أفسخ فمن أصحابنا من قال: إنما كره خوفاً من أن تكون منه فعلى هذا إن علم قطعاً أنها منه بأن أخبره النبي صلى الله عليه وسلم في زمانه لم تحل له ومنهم من قال: إنما كره ليخرج من الخلاف لأن أبا حنيفة يحرمها فعلى هذا لو تحقق أنها منه لم تحرم وهو الصحيح لأنها ولادة لا يتعلق بها ثبوت النسب فلم يتعلق بها التحريم كالولادة لما دون ستة أشهر من وقت الزنا واختلف أصحابنا في المنفي باللعان فمنهم من قال: يجوز للملاعن نكاحها لأنها منفية عنه فهي كالبنت من الزنا ومنهم من قال: لا يجوز للملا عن نكاحها لأنه غير منفية عنه قطعاً ولهذا لو أقر بها ثبت النسب.

فصل: ويحرم عليه أن يجمع بين أختين في النكاح لقوله عز وجل: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: ٢٣] ولأن الجمع بينهما يؤدي إلى العداوة وقطع الرحم ويحرم عليه أن يجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها٢" ولأنهما امرأتان لو كانت


١ رواه ابن ماجة في كتاب النكاح باب ٦٣.
٢ رواه البخاري في كتاب النكاح باب ٢٧. مسلم في كتاب النكاح حديث ٣٧ - ٣٩. أبو داود في كتاب النكاح باب ١٢. الترمذي في كتاب النكاح باب ٣٠. أحمد في مسنده "١/٧٨" "٢/١٧٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>