واما مذاهب الفروعيّين المختلفين في الأحكام الشرعية والمسائل الاجتهادية فالمشهورة منها اربعة: مذهب مالك بن أنس. ومذهب محمد بن إدريس الشافعي. ومذهب احمد ابن حنبل. ومذهب ابي حنيفة النعمان بن ثابت. واركان الاجتهاد ايضا اربعة:
الكتاب والسنّة والإجماع والقياس. وذلك لأنه إذا وقعت لهم حادثة شرعيّة من حلال وحرام فزعوا الى الاجتهاد وابتدأوا بكتاب الله تعالى. فان وجدوا فيه نصّا تمسّكوا به والا فزعوا الى سنّة النبي فان رأوا [١] لهم في ذلك خبرا نزلوا الى حكمه والا فزعوا الى اجماع الصحابة لأنهم راشدون حتى لا يجتمعون على ضلال. فان عثروا بما يناسب مطلوبهم اجروا حكم الحادثة على مقتضاه والا فزعوا الى القياس لان الحوادث والوقائع غير متناهية والنصوص متناهية فلا يتطابقان فعلم قطعا ان القياس واجب الاعتبار ليكون بصدد كل حادثة شرعية اجتهاد قياسيّ. ومن الأئمّة داود الاصفهاني نفى القياس أصلا. وابو حنيفة شديد العناية به وربما يقدّم القياس الجليّ على آحاد الاخبار. ومالك والشافعي وابن حنبل لا يرجعون الى القياس الجليّ ولا الخفيّ ما وجدوا خبرا او امرا. وبينهم اختلاف في الأحكام ولهم فيها تصانيف وعليها مناظرات ولا يلزم بذلك تكفير ولا تضليل.
وبالجملة اصول شريعة الإسلام الطهارة في حواشي الإنسان وأطرافه لارسالها وملاقاتها النجاسات. والصلاة وهي خضوع وتواضع لرب العزّة. والزكاة وهي مؤاساة ومعونة وإفضال. والصيام وهو رياضة وتذليل وقمع الشهوة تحصل به رقة القلب وصفاء النفس.
والحجّ وهو مثال الخروج عن الدنيا والإقبال على الآخرة واكثر ما فيه من المناسك امتحان وابتلاء العبد بامتثاله ما شرع له وذلك كالسعي والهرولة في الطواف ورمي الجمار.
واما الجمعة والأعياد فجعلت مجمعا للأمّة يتلاقون ويتزاورون ويستريحون فيها عن كدّ الكدح. واما الختان فهو سنّة فيه ابتلاء وامتحان وتسليم. واما تحريم الميتة والدم ففي كراهية النفس ونفار الطبع ما يوجب الامتناع منها.
[(ابو بكر الصديق)]
أعظم خلاف بين الأيمّة الاسلامية خلاف الامامة وعليه سلّ السيوف. وقد اتفق ذلك في الصدر الاول فاختلف المهاجرون والأنصار فيها.
فقالت الأنصار: منا امير ومنكم امير. فاستدركهم ابو بكر وعمر في الحال. وقبل ان يشتغلوا بالكلام مد عمر يده الى ابي بكر فبايعه وبايعه الناس وسكنت الثائرة. وبويع له في شهر ربيع الاول في أول سنة احدى عشرة يوم توفي النبي عليه السلام في سقيفة