للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان الروم مشتغلين مع الصقالبة المتاخمين لرومية. فلما فرغوا من مجاهدتهم عطفوا على الفرس وبقيت الحرب بينهم سنتين. وعرض في المشرق جوع شديد ووباء عظيم في الناس والبقر حتى صار الناس يحرثون أرضهم بالحمير والخليل. وفي السنة الثامنة والعشرين ليوسطينيانس اصطلح الروم والفرس. وفي السنة الخامسة والثلثين له كتب الى جميع الاساقفة ان يعملوا عيد الميلاد في الخامس والعشرين من كانون الاول.

والدنح [١] لستة ايام من كانون الأخير. فامتثلوا امره خلا الأرمن فإنهم داموا على العادة الاولي في تعييد العيدين في يوم واحد. وفي هذا الوقت ظهر يولياني [٢] القائل ان جسد المسيح غير مخلوق وهو جوهر لطيف روحاني لم يصلب بالحقيقة ولم يمت وانما كان ذلك كله خيالا. ومع هذا كان يقول بالطبيعة الواحدة.

[(يوسطينيانس قيصر الثالث)]

ملك ثلث عشرة سنة. وهو ابن اخت الذي قبله.

وفي السنة الثانية لملكه ظهر في السماء نار تضطرم من ناحية القطب الشمالي وثبتت السنة كلها. وكانت الظلمة [٣] تغشي العالم من تسع ساعات من النهار الى الليل حتى لم يكن احد يبصر شيئا. وكان ينزل من الجو شبه الهشيم والرماد. وفي السنة الثالثة له قلت الأمصار وصار الشتاء كالصيف وصار زلزلة شديدة ووباء عظيم. وفي السنة الرابعة له غزا كسرى دارا وأقام عليها ستة أشهر وافتتحها. واستعد يوسطينيانس لغزو الفرس فمرض مرضا اختلط به عقله فبطل الغزو. ثم تعالج فبرئ وبايع رجلا يونانيا يسمى طيباريوس وكان من خاصته وجعله قيصرا بعده.


[١-) ] دنح لفظة سريانية معناها ظهور. وهو العيد المدعو في الكنائس الشرقية الغطاس وتسميه الكنيسة اللاتينية وهي لفظة يونانية تأويلها الظهور.
[٢-) ] يولياني ر تولياني.
[٣-) ] كانت هذه الظلمة مسببة عن انتشار الرماد في الجو وقت حدوث الزلازل وتفجر جبال النار. وقد شوهد مثل هذا الحادث من بضع سنوات في اكثر اصقاع الدنيا ولم تعين له العلماء سببا غير الذي أوردناه.
ويؤيد قولنا ما يذكره المؤلف من نزول الهشيم والرماد من الجو.