للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصلح جميع البيع وردّ كل من نفاه الملوك قبله. وفي السنة السابعة لملكه اقتتل الروم والفرس على شاطئ الفرات وغرق من الروم خلق كثير. وفي هذه السنة سقط ثلج كثير وجليد وأفسد عامّة الأشجار مع الكروم. وبعد سنة قلّت الأمطار وعزت الغلات ونقص الماء في الينابيع ثم تبع ذلك حرّ قوي ووباء شديد ودام ست سنين. وفي هذه السنة وجه يوسطينيانس وفدا الى المنذر ملك العرب ليصالحه لأنه كان غزا الروم وخرب وسبى. وكان سبب الفتنة بين العرب والروم [١] اضطهاد الملك يوسطينيانس الآباء القائلين بالطبيعة الواحدة لان النصارى العرب يومئذ انما كانوا يعتقدون اعتقاد اليعقوبية لا غير [٢] . وفي هذا الوقت غزا كسرى ملك الفرس مدينة الرها وقتل فيها خلقا كثيرا.

فظهر نجم ذو ذؤابة وثبت أربعين ليلة. وفي السنة التاسعة لملكه أشرك معه في الملك يوسطينيانس الصغير وكان ابن أخته. وبعد ثلثة أشهر مات.

[(يوسطينيانس قيصر الصغير)]

ملك ثماني وثلثين سنة وأمر ان يجتمع جميع اساقفة اصحاب ساويروس القائلين بالطبيعة الواحدة الى قسطنطينية. فلما اجتمعوا وعظهم وعظا كثيرا وسألهم ان يوافقوا مجمع خلقيذونيا بالقول بالطبيعتين والاقنوم الواحد. فلما لم يقبلوا قوله صرفهم الى مواضعهم. وفي السنة التاسعة له انكسفت الشمس وثبت كسوفها السنة كلها وزيادة شهرين ولم يكن يظهر من نورها الا شيء يسير. وكان الناس يقولون انه قد دخل عليها عرض لا يزول عنها ابدا. وفي هذه السنة ظهر جراد كثير في عامة الأرض وكان الشتاء صعب البرد غزير الثلج ومات فيه خلق كثير. وبعد سنة ظهرت في السماء آية عجيبة وبردت حرارة الشمس السنة بأسرها ولم تنضج الثمار في تلك السنة.

وفي هذا الزمان عرف سرجيس الرأس عينيّ الفيلسوف المترجم الكتب من اليوناني الى السرياني ومصنفها. وكان على مذهب ساوري. وفي السنة الرابعة عشرة ليوسطينيانس غزا كسرى ابن قباذ انطاكية وافتتحها وسبى أهلها وحدرهم الى بابل وبنى لهم مدينة وسمّاها انطاكية وتعرف اليوم بالماحوزى [٣] الجديدة. وفتح ايضا فامية والرقّة ودارا وحلب.


[١-) ] سبب الفتنة بين العرب والروم. ان المؤلف يعطي السبب الحقيقي في تاريخه السرياني حيث يقول ان ملك الفرس ... طلب من يوسطينوس ... خمسمائة وخمسين قنطارا من الذهب. فلما لم يحصل على طلبه أرسل العرب محالفيه لغزو بلاد الروم وليفسدوا فيها وينهبوها فهجم المنذر ملك العرب إلخ.
[٢-) ] ان قول المؤلف هذا في عامة العرب غير سديد وحجتنا عليه ان نصارى نجران لذلك العصر كانوا مستمسكين بعروة الايمان الكاثوليكي منتهى الاستمساك. ومنهم الملك الحرث الذي أثبتت البيعة اسمه في جريدة القديسين. وكان الملك المشار اليه مواليا لملك الحبشة السبان ولملك الروم يوسطينوس الاول الذي استنجد ملك الحبشة للأخذ بثأر شهداء نجران. ومن المسلم ان هذين الملكين كانا على العقيدة الكاثوليكية.
[٣-) ] بالماحوزى وبالماحوز.