للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمحفَّة تحمل بين الرجال. ولم يزل على ذلك الى ان مات المعظم صاحبه ومات هو بعده بقليل.

ومن الأطباء المشهورين في هذا الزمان الحكيم ابو سالم النصرانيّ اليعقوبيّ الملطيّ المعروف بابن كرابا [١] خدم السلطان علاء الدين كيقباذ صاحب الروم وتقدّم عنده وكان قليل العلم بالطبّ الّا انه كان أهلا لمجلسه لفصاحة لهجته في اللسان الروميّ ومعرفته بأيام الناس وسير السلاطين. وفي سنة اثنتين وثلثين ولما سار علاء الدين من ملطية الى خرتبرت ليملكها تخلّف عنه ابو سالم هذا ولم يسر في ركابه وكان السلطان لا يصبر عنه ساعة. ولما بات السلطان على الفرات ولم يأته الحكيم امر الشحنة الذي على الزواريق ان نهار غد ان جاء ابو سالم قبل الزوال فليعبر وان جاء بعده لا تمكنه من العبور.

فلما كان من الغد تأخّر مجيئه الى العصر فأخبره الشحنة بمرسوم السلطان فأحسّ بتغيّر فعاد الى منزله وشرب سما ومات. ومنهم الحكيم شمعون الخرتبرتي وكان ايضا ضعيف العلم لكنه كان خيّرا ديّنا كثير الصوم والصلاة. وانتشى له ولد حسن محصّل وأجاد الخطّ العربيّ وصار فيه طبقة ومات في حداثة سنة ففجعت مصيبته أباه.

وفي هذا الزمان كان جماعة من تلامذة الامام فخر الدين الرازي سادات فضلاء اصحاب تصانيف جليلة في المنطق والحكمة كزين الدين الكشي وقطب الدين المصري بخراسان وأفضل الدين الخونجي بمصر وشمس الدين الخسروشاهي بدمشق واثير الدين الابهري بالروم وتاج الدين الارموي وسراج الدين الارموي بقونية. حكى النجيب الراهب المصري الحاسب بدمشق عن الملك الناصر داود بن الملك المعظم بن الملك العادل ابن أيوب صاحب الكرك انه كان يتردّد الى شمس الدين الخسروشاهي يقرأ عليه كتاب عيون الحكمة للشيخ ابي عليّ بن سينا وكان إذا وصل الى رأس المحلة التي بها منزل الخسروشاهي أومأ الى من معه من الحشم والمماليك ليقفوا مكانهم ويترجل ويأخذ كتابه تحت إبطه ملتفا بمنديل ويجيء الى باب الحكيم ويقرعه فيفتح له ويدخل ويقرأ ويسأل عمّا خطر له ثم يقوم ولم يمكّن الشيخ من القيام له.

[(المستعصم بن المستنصر) :]

وفي سنة أربعين وستمائة بويع المستعصم يوم مات أبوه المستنصر وكان صاحب لهو وقصف شغف بلعب الطيور واستولت عليه النساء وكان ضعيف الرأي قليل العزم كثير الغفلة عما يجب لتدبير الدول وكان إذا نبّه علي ما ينبغي ان يفعله في امر التاتار اما المداراة والدخول في طاعتهم وتوخي مرضاتهم او تجيّش


[١-) ] ويروى: كرايا.