للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من المغول ومعه نحو خمسين فارسا. فخرج الملك الناصر من الخيمة والتقاه وعرض عليه النزول. فامتنع قائلا: ان هولاكو سيّرني ويقول: هذا اليوم لنا فرحة وقد عملنا دعوة وحضر الأمراء كلّهم فتحضر أنت وأخوك وأولادك للامر الذي لك عندنا. فجمع الملك الناصر جماعته مقاربة عشرين نفرا وركبوا وساروا صحبة ذلك الأمير. وبعد ساعة وصل ايضا عشرون فارسا آخر وقالوا: يحضر الجماعة كلهم ولا يبقى في الخيم غير الفراشين والمماليك الصغار والطباخين والغلمان. وباقي الجماعة الخيّالة والكتّاب يحضرون في الدعوة. (قال) فاخذونا الى مواضع اودية عميقة بين حجارة عالية ونزلنا عن الخيل فاحتاط كل واحد منهم بواحد منّا وكتفونا. فلما عاينت ذلك بقيت أقول بصوت عال:

انني رجل منجّم واعرف بحركات الكواكب ومعي كلام أقوله في خدمة السلطان ملك الأرض. فأخذوني وأقعدوني وراءهم مع جملة اتباعهم وشرعوا بقتل الجماعة ولم يخلص منهم غير ولدي الملك الناصر فاستأسروهما. ثم ركبوا وعادوا الى البيوت التي للملك الناصر ونهبوها وقتلوا باقي الجماعة التي تخلّفت هناك. ثم عرضوا الأمر على هولاكو وانا صرت في خدمة خواجا نصير الدين في الرصد بمراغة وابنا الملك الناصر في خدمته.

[(جلوس قوبلاي قاان على كرسي المملكة) :]

فمن [١] هذا التاريخ بعض ملوك الخطا تمرّد وعصى على المغول لكونه قويّ البأس متمكنا في امره كثير العساكر يحكم على اربعمائة مدينة. وأوجب ذلك ان مونككا قاان بنفسه تهيّر لملتقى هذا المتمرّد فترك أخاه الصغير وهو اريغبوكا مكانه واستصحب أخاه قوبلاي ودخل الى بلاد الصين. وأول الملتقى اتفق ان اصابه نشابة ومات. فأخذ اخوه قوبلاي العساكر وخرج من بلاد الخطا.

ثم وصل الى خان باليق وأقام هناك. واتفق عظماؤه والأكثرون من المغول ان يكون هو موضع أخيه قاان. واما الأخ الصغير وهو اريغبوكا فقال: ان عند توجّه قاان الى الخطا سلّم اليه الملك فهو الأولى ان يكون موضع أخيه بمقتضى الياسا الذي لهم. وحصلت المنازعة والمقاومة بين الأخوين لأجل ذلك مدّة سبع عشرة سنة الى ان عجز الأخ الصغير وبطل عزمه وقوي امر قوبلاي قاان وظهر منه العدل الحسن والدراية والتدبير والكفاية.

وانه كان يحبّ الحكماء والعلماء والمتديّنين من سائر المذاهب والأمم. وقيل عنه انه كان قليل المباشرة للنساء بل باعتدال ومتوسط التدبير بالشهوات والشراب واللذّات واللهو ولم يتناول من اللحوم الّا ألطفها بخلاف باقي الطوائف من المغول.

واما قوتوز التركماني صاحب مصر بعد ما كسر كتبوغا وتمكّن من الشام أقام


[١-) ] فمن ر في.