للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بني ساعدة. وقيل لما بلغ ذلك عليّ بن ابي طالب لم ينكره [١] . واكثر ما روي انه قال:

ما شاورتني. فقال له ابو بكر: ما اتسع الوقت للمشورة وانا خفنا ان يخرج الأمر منا.

ثم صعد المنبر فقال: أقيلوني من هذا الأمر فلست بخيركم. فقال عليّ: لا نقيلك ولا نستقيلك. فأجمع المهاجرون والأنصار على خلافته. ولما ذاع خبر وفاة النبي عليه السلام ارتدّ خلق كثير من العرب ومنعوا الزكاة واشتد رعب المسلمين بالمدينة لاطباقهم على الردة. فأووا الذراري والعيال الى الشعاب. فأمرّ ابو بكر خالد بن الوليد على الناس وبعثه في اربعة آلاف وخمسمائة. فسار حتى وافى المرتدة وناوشهم القتال وسبى ذراريهم وقسم أموالهم. وضجّ ايضا المسلمون الى ابي بكر فقالوا: الا تسمع ما قد انتشر من ذكر هذا الكذاب مسيلمة بأرض اليمامة وادعائه النبوّة. فأمر خالد بن الوليد بالمسير الى محاربته. فسار بالناس حتّى نزل بموضع يسمى عقرباء. وسار مسيلمة في جمع من بني حنيفة فنزل حذاء خالد. وكان بينهما وقعات واشتدت الحرب بين الفريقين واقتحم المسلمون بأجمعهم على مسيلمة وأصحابه فقاتلوهم حتى احمرت الأرض بالدماء. ونظر عبد اسود اسمه وحشي الى مسيلمة فرماه بحربة فوقعت على خاصرته فسقط عن فرسه قتيلا.

ومن هناك توجه خالد الى ارض العراق فزحف الى الحيرة ففتحها صلحا. وكان ذلك أول شيء افتتح من العراق. وقد كان ابو بكر وجّه قبل ذلك أبا عبيدة بن الجرّاح في زهاء عشرين ألف رجل الى الشام. وبلغ هرقل ملك الروم ورود العرب الى ارض الشام فوجه إليهم سرجيس البطريق في خمسة آلاف رجل من جنوده ليحاربهم. وكتب ابو بكر الى خالد عند افتتاحه الحيرة يأمره ان يسير الى ابي عبيدة بأرض الشام. ففعل والتقى العرب الروم فانهزم الروم وقتل سرجيس البطريق وذلك انه في هربه سقط من فرسه فركبه غلمانه فسقط فركّبوه ثانيا فهبط ايضا وقال لهم: فوزوا بأنفسكم واتركوني أقتل وحدي. وفي سنة ثلث عشرة للهجرة مرض ابو بكر خمسة عشر يوما ومات رحمه الله يوم الاثنين لثمان خلون [٢] من جمادى الآخرة وهو ابن ثلث وستين سنة. وكانت خلافته سنتين واربعة أشهر الا ثمانية ايام. وفيها وهي سنة تسعمائة وستّ وأربعين للإسكندر خالف هرقل الناموس وتزوّج مرطياني ابنة أخيه وولدت منه ابنا غير ناموسيّ وسماه باسمه مصغّرا هريقل.

[(عمر بن الخطاب)]

ويكنى أبا حفص. قيل انّ أبا بكر لما دنا أجله قال لعثمان


[١-) ] لما بلغ ... لم ينكره ر لم يبلغ ... وإذا بلغ ينكره.
[٢-) ] وفي الكامل لابن الأثير «لثمان بقين من جمادى الآخرة» ولعله هو الصواب.