للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مضرب نفسه مع حرم المتقي ثم كحله فأذهب عينيه وعمي المتقي. وانحدر توزون من الغد الى بغداد والجماعة في قبضته. فكانت خلافة المتقي ثلث سنين وستة أشهر.

[(المستكفي بن المكتفي)]

لما قبض توزون على المتقي احضر المستكفي بالله وهو ابو القاسم عبد الله بن المكتفي اليه الى السنديّة وبايعه هو وعامّة الناس في سنة ثلث وثلثين وثلاثمائة. وكان سبب البيعة له ما حكاه بعض خواص توزون قال: انني دعاني صديق لي فمضيت اليه فذكر لي انه تزوج الى قوم وان امرأة منهم قالت له ان هذا المتقي قد عاداكم وعاديتموه وكاشفكم ولا يصفو قلبه لكم وههنا رجل من أولاد الخلافة وذكرت عقله ودينه تنصبونه للخلافة فيكون صنيعكم وغرسكم ويدلكم على اموال جليلة لا يعرفها غيره وتستريحون من الخوف والحراسة. فقلت له: أريد ان اسمع كلام المرأة. فجاءني بها ورأيت امرأة عاقلة جزلة. فذكرت لي نحوا من ذلك وأحضرت الرجل ايضا عندي في زي امرأة فعرّفني نفسه وضمن اظهار ثمانمائة ألف دينار وخاطبني خطاب رجل البيت فهم. فأتيت توزون فأخبرته فوقع الكلام في قلبه وجرى ما جرى. وصارت تلك المرأة قهرمانة المستكفي وسمت نفسها علم وغلبت على أمره كله. وفيها سار سيف الدولة الى حلب فملكها وكان مع المتقي بالرقة فلما عاد المتقي الى بغداد قصد سيف الدولة الى واستولى عليها ثم سار منها الى حمص فلقيه بها عسكر الإخشيد محمد بن طغج صاحب مصر والشام مع مولاه كافور فاقتتلوا فانهزم عسكر الإخشيد وكافور وملك سيف الدولة مدينة حمص. وسار الى دمشق فحاصرها فلم يفتحها أهلها له فرجع عنها. وفي سنة اربع وثلثين وثلاثمائة في المحرّم مات توزون في داره ببغداد. فاجتمع الأجناد وعقدوا الرئاسة عليهم لزيرك بن شيرزاد وحلفوا له وحلف له المستكفي ودخل اليه ابن شير زاد وعاد مكرّما يخاطب بأمير الأمراء. وبعد مدّة يسيرة قدم معزّ الدولة بن بويه الى بغداد واختفي المستكفي وابن شير زاد. فلما استتر سار الأتراك الذين في خدمته الى الموصل.

فلما بعدوا ظهر المتسكفي وعاد الى دار الخلافة واظهر السرور بقدوم معز الدولة ودخل اليه معزّ الدولة بن بويه وبايعه وحلف له المستكفي. وظهر ابن شير زاد ايضا ولقي معزّ الدولة فولاه أمر الخراج وجباية الأموال. وكانت امارة ابن شير زاد ثلثة أشهر وعشرين يوما. وخلع المستكفي على معزّ الدولة ولقّبه ذلك اليوم معزّ الدولة ولقب أخاه عليّا عماد الدولة ولقب أخاه الحسن ركن الدولة وأمر ان يضرب القابهم وكناهم على الدراهم والدنانير.

وفي هذه السنة بلغ معزّ الدولة ان علم قهرمانة المستكفي عازمة على إزالته فحضر معزّ الدولة والناس عند الخليفة في اثنين وعشرين من جمادى الآخرة ثم حضر رجلان من