للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدفتر من دفاتر الاسروشنية [١] فأخرج منه نحوا من عشرين اسما ووجّه الى الصيادلة من يطلب منهم ادوية مسماة بتلك الأسماء. فبعض أنكرها وبعض ادّعى معرفتها وأخذ الدراهم من الرسل ودفع إليهم شيئا من حانوته. فأمر الافشين بإحضار جميع الصيادلة فمن أنكر معرفة تلك الأسماء اذن له بالمقام في معسكره ونفى الباقين.

[(الواثق بالله هرون بن المعتصم)]

بويع له في اليوم الذي مات فيه أبوه. وفي هذه السنة مات توفيل ملك الروم وكان ملكه اثنتي عشرة سنة وملكت بعده امرأته ثاودورا وابنها ميخائيل بن توفيل وهو صبيّ. وفي سنة ثماني وعشرين ومائتين غزا المسلمون في البحر جزيرة صقلية وفتحوا مدينة مسيني. وفي سنة احدى وثلثين ومائتين كان الفداء بين المسلمين والروم على يد خاقان خادم الرشيد واجتمع المسلمون على نهر اللامس على مسيرة يوم من طرسوس وأمر الواثق خاقان خادم الرشيد ان يمتحن أسارى المسلمين فمن قال القرآن مخلوق وان الله لا يرى في الآخرة فودي به واعطي دينارا ومن لم يقل ذلك ترك في ايدي الروم. فلما كان في يوم عاشوراء أتت الروم ومن معهم من الأسارى وكان الأمر بين الطائفتين فكان المسلمون يطلقون الأسير فيطلق الروم أسيرا فيلتقيان في وسط الجسر فإذا وصل الأسير الى المسلمين كبروا وإذا وصل الرومي الى الروم صاحوا:

كرياليسون حتى فرغوا. فكان عدة أسارى المسلمين اربعة آلاف واربعمائة وستين نفسا والنساء والصبيان ثمانمائة. واهل ذمة المسلمين مائة نفس. ولما فرغوا من الفدية غزا المسلمون شاتين فأصابهم ثلج ومطر فمات منهم مائتا نفس وأسر نحوهم وغرق بالبدندون خلق كثير. وفي سنة اثنتين وثلثين ومائتين مات الواثق في ذي الحجة لست بقين منه وكانت علته الاستسقاء فعولج بالإقعاد في تنّور مسخن فوجد بذلك خفّة فأمرهم من الغد بالزيادة في اسخانه ففعل ذلك وقعد فيه اكثر من اليوم الاول فحمي عليه فأخرج منه في محفّة فمات فيها ولم يشعر بموته حتى ضرب وجهه [٢] المحفة. ولما اشتدّ مرضه احضر المنجمين منهم الحسن بن سهل بن نوبخت فنظروا في مولده فقدروا له ان يعيش خمسين سنة مستأنفة من ذلك اليوم فلم يعش بعد قولهم الا عشرة ايام وكانت خلافته خمس سنين وتسعة أشهر وكان عمره اثنتين وثلثين سنة.

لهذا حسن المذكور تصنيف وهو كتاب الأنواء. فآل نوبخت كلهم فضلاء ولهم


[١-) ] الاسروشنية ر الاسروسفية والاسروشينة.
[٢-) ] وجهه ر بوجهه.