للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسمل أعينهم وقطع آنافهم وآذانهم. فلما بلغ الخبر المعتصم استعظمه وتوجه الى بلاد الروم وفتح عمورية وقتل ثلثين ألفا وأسر ثلثين ألفا. وفي سنة خمس وعشرين ومائتين تغير المعتصم على الفشين لأنه كاتب مازيار أصبهبذ [١] طبرستان وحسّن له الخلاف والمعصية وأراد ان ينقل الملك الى العجم فقتله وصلبه بازاء بابك. ووجده بقلفته لم يختن.

واخرجوا من منزله أصناما فأحرقوه بها. وفي سنة سبع وعشرين ومائتين توفي المعتصم ابو اسحق يوم الخميس لثماني عشرة مضت من ربيع الاول عن ثمانية بنين وثماني بنات وكانت خلافته ثماني سنين وثمانية أشهر وكان عمره سبعا وأربعين سنة. وحكي ان المعتصم بينما هو يسير وحده قد انقطع عن أصحابه في يوم مطر إذ رأى شيخا معه حمار عليه شوك وقد زلق الحمار وسقط في [٢] الأرض والشيخ قائم. فنزل عن دابته ليخلص الحمار. فقال له الشيخ: بأبي أنت وأمي لا تهلك ثيابك. فقال له: لا عليك. ثم انه خلّص الحمار وجعل الشوك عليه وغسل يده ثم ركب. فقال له الشيخ: غفر الله لك يا شابّ. ثم لحقه أصحابه فأمر له باربعة آلاف درهم. وهذا دليل على غاية ما يمكن ان يكون من طيب أعراق الملوك وسعة أخلاقهم.

قال حنين: ان سلموية كان عالما بصناعة الطبّ فاضلا في وقته. ولما مرض عاده المعتصم وبكى عنده وقال له: أشر عليّ بعدك بمن يصلحني. فقال: عليك بهذا الفضولي يوحنا بن ماسويه. وإذا وصف شيئا خذ أقلّه اخلاطا. ولما مات سلموية قال المعتصم: سألحق به لأنه كان يمسك حياتي ويدبّر جسمي. وامتنع عن الأكل في ذلك اليوم وأمر بإحضار جنازته الى الدار وان يصلّى عليها بالشمع والبخور على رأي النصارى.

ففعل ذلك وهو يراهم. وكان سلموية يفصد المعتصم في السنة مرتين ويسقيه عقيب كل فصد دواء. فلما باشره يوحنا أراد عكس ما كان يفعله سلموية فسقاه الدواء قبل الفصد.

فلما شربه حمي دمه وحمّ وما زال جسمه ينقص حتى مات وذلك بعد عشرين شهرا من وفاة سلموية. وخدم الافشين زكريا الطيفوريّ وذكر: اني كنت مع الافشين في معسكره وهو في محاربة بابك. فجرى ذكر الصيادلة فقلت: اعزّ الله الأمير ان الصيدلاني لا يطلب منه شيء كان عنده او لم يكن الا اخبر بأنه عنده. فدعا الافشين


[١-) ] اصبهبذ ر اصهيد واصبهيد.
[٢-) ] وسقط في ر ووقع الى.