للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهلك أكثرهم من البرد. فلما بلغ المتوكل الخبر وجه بغا الكبير إليهم طالبا بدم يوسف فسار وأباح [١] على قتلة يوسف فقتل منهم زهاء ثلثين ألفا وسبى خلقا كثيرا ثم سار الى مدينة تفليس وحاصرها ودعا النفّاطين فضربوا المدينة بالنار فأحرقوها وهي من خشب الصنوبر فاحترق بها نحو خمسين ألف انسان. وفي سنة ثماني وثلثين ومائتين جاءت ثلاثمائة مركب للروم مع ثلثة رؤساء فأناخ أحدهم في مائة مركب بدمياط وبينها وبين الشط شبيه بالبحيرة يكون ماؤها الى صدر الرجل فمن جازها الى الأرض أمن من مراكب البحر فجازه قوم من المسلمين فسلموا وغرق كثير من نساء وصبيان. ومن كان به قوة سار الى مصر. واتفق وصول الروم وهي فارغة من الجند فنهبوا واحرقوا وسبوا واحرقوا جامعها وسبوا من النساء المسلمات والذميات نحو ستمائة امرأة وساروا الى مصر ونهبوا ورجعوا ولم يعرض لهم احد. وفي سنة اثنتين وأربعين ومائتين كانت زلازل هائلة وأصوات منكرة بقومس ورساتيقها في شعبان فتهدمت الدور وهلك تحت الهدم بشر كثير قيل كانت عدتهم خمسة وأربعين ألفا وستة وتسعين نفسا. وكان اكثر ذلك [٢] بالدامغان. وكان بالشام وفارس وخراسان وباليمن مع خسف. وتقطع الجبل الأقرع وسقط في البحر فمات اهل اللاذقية من تلك الهدّة. وفي سنة سبع وأربعين ومائتين قتل المتوكل وهو ثمل بسرّ مرّأى ليلة الأربعاء ثالث [٣] يوم من شوال قتله غلام تركي اسمه باغر وكانت خلافته اربع عشرة سنة وتسعة [٤] أشهر وعمره أربعين سنة وقتل معه الفتح ابن خاقان لأنه رمى بنفسه على المتوكل وقال: ويلكم تقتلون امير المؤمنين فبعجوه بسيوفهم فقتلوه. ويقال ان ابنه المنتصر دسّ لقتله فعاش بعده ستة أشهر. وفي سنة الزلازل اخرج المتوكل احمد ابن حنبل من الحبس ووصله وصرفه الى بغداد وأمر بترك الجدل في القرآن وان الذمة بريئة ممن يقول بخلق او غير خلق.

قال بعض الرواة: دخل بختيشوع بن جبريل الطبيب يوما الى المتوكل وهو جالس على سدّة في وسط داره الخاصة فجلس بختيشوع على عادته معه فوق [٥] السدة وكان عليه درّاعة ديباج رومي وكان قد انشقّ ذيلها قليلا. فجعل المتوكل يحادث بختيشوع ويعبث


[١-) ] وأباح ر وناح وأناخ على قتل.
[٢-) ] ذلك ر من ذلك.
[٣-) ] ثالث ر أول.
[٤-) ] وتسعة ر وسعة.
[٥-) ] فوق ر على.