للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وان وجدوا نبيذا أراقوه وان وجدوا مغنية ضربوها وكسروا آلة الغناء فارهجوا بغداد.

وركب صاحب الشرطة ونادى في جانبي بغداد الّا يجتمع من الحنابلة اثنان ولا يصلي منهم إمام الا إذا جهر ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاة الصبح والعشائين. فلم يفد فيهم. فخرج توقيع الراضي بما يقرأ على الحنابلة ينكر عليهم فعلهم ويوبخهم على اعتقاد التشبيه وغيره. فمنه: انكم تارة تزعمون ان صورة وجوهكم القبيحة السمجة على مثال رب العالمين وتذكرون الكف والأصابع والرجلين والنعلين الذهب والشعر القطط والنزول الى الدنيا. فلعن الله شيطانا زيّن لكم هذه المنكرات ما أغواه. وامير المؤمنين يقسم بالله جهدا اليّه يلزمه الوفاء بها لئن لم تنتهوا عن مذموم مذهبكم ومعوج طريقكم هذه ليوسعنّكم ضربا وتشديدا وتبديدا وقتلا وليستعملنّ السيف في رقابكم والنار في منازلكم ومحالّكم. وفي سنة اربع وعشرين وثلاثمائة ألجأت الضرورة الراضي الى ان قلد أبا بكر محمد بن رائق امارة الجيش وجعله امير الأمراء وولّاه الخراج والمعاون والدواوين في جميع البلاد وأمر ان يخطب له على جميع المنابر وبطلت الوزارة من ذلك الوقت فلم يكن الوزير ينظر في شيء من الأمور انما كان ابن رائق وكاتبه ينظران في الأمور جميعا وكذلك كل من تولى امرة الأمراء بعده وصارت الأموال تحمل الى خزائنهم فيتصرفون فيها كما يريدون ويطلقون للخليفة ما يريدون. وفي سنة ست وعشرين وثلاثمائة استولى معزّ الدولة ابو الحسن احمد بن بويه على الأهواز. وفيها كتب ابو علي بن مقلة الى الراضي يشير عليه بالقبض على ابن رائق وأصحابه ويضمن انه يستخرج منهم ثلاثة آلاف ألف ألف دينار [١] وأشار عليه باقامة بجكم [٢] مقام ابن رائق وطلب ابن مقلة من الراضي ان ينتقل ويقيم عنده بدار الخليفة فأذن له في ذلك. فلما حصل بدار الخليفة اعتقله في حجرة وعرض على ابن رائق خط ابن مقلة. فشكر الراضي. وما زال ابن رائق يلح في طلب ابن مقلة حتى أخرج من محبسه وقطعت يده. ثم عولج فبرأ فعاد يكاتب الراضي ويخطب الوزارة ويذكر ان قطع يده لم يمنعه عن عمله وكان يشد القلم على يده المقطوعة ويكتب ويهدّد ابن رائق. فأمر الراضي بقطع لسانه. ثم نقل الى محبس ضيّق ولم يكن عنده من يخدمه فآل به الحال الى انه كان يستقي الماء بيده اليسرى ويمسك الحبل بفمه.

ولحقه شقاء شديد الى ان مات. وفيها دخل بجكم بغداد ولقي الراضي وقلده امرة الأمراء مكان ابن رائق. وفي سنة تسع وعشرين وثلاثمائة مات الراضي بالله بالاستسقاء في


[١-) ] ويروى: ثلاثة آلاف ألف دينار.
[٢-) ] ويروى: يحكم. ويروى: بحكم.