للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سقمان [١] بن ارتق فقتل الافرنج منهم الوفا وغنموا ما في العسكر من الأقوات والأموال والدواب والاسلحة فصلحت حالهم وعادت إليهم قوّتهم وساروا الى معرّة النعمان فملكوها.

وفي سنة اثنتين وتسعين واربعمائة لما رأى المصريّون ضعف الأتراك صاروا الى البيت المقدس وحصروه وبه الأمير سقمان وايلغازي ابنا ارتق التركماني وابن عمهما سونج ونصبوا عليه نيّفا وأربعين منجنيقا وملكوه [٢] بالأمان وخرج عنه سقمان وأصحابه واستناب المصريّون فيه رجلا يعرف بافتخار الدولة. فقصده الافرنج ونصبوا عليه برجين وملكوه من الجانب الشمالي وركب الناس السيف ولبث الافرنج في البلد أسبوعا يقتلون فيه المسلمين. وقتل بالمسجد الأقصى ما يزيد على سبعين ألفا [٣] وغنموا منه ما لا يقع عليه الإحصاء. وفي سنة ثلث وتسعين جرى حرب بين السلطان بركيارق وبين أخيه السلطان محمد وانهزم بركيارق وتنقّل في البلاد الى أصفهان. ولم يدخلها وسار الى خوزستان. وفي سنة اربع وتسعين كان المصاف الثاني بينهما وكان مع بركيارق خمسون ألفا ومع أخيه محمد خمسة عشر ألفا فالتقوا واقتتلوا فانهزم السلطان محمد وسار طالبا خراسان الى أخيه الملك سنجر وهما لامّ واحدة فأقام بجرجان وأتاه الملك سنجر في عساكره الى الدامغان وخرب العسكر البلاد وعمّ الغلاء تلك الأصقاع حتى أكل الناس بعضهم بعضا بعد فراغهم من أكل الميتة والكلاب. وفي سنة خمس وتسعين توفي المستعلي بالله الخليفة العلويّ المصريّ وكانت خلافته سبع سنين [٤] وولي بعده ابنه ابو عليّ المنصور وعمره خمس سنين ولقّب الآمر بأحكام الله ولم يقدر يركب وحده على الفرس الصغر سنّه وقام بتدبير دولته الأفضل [٥] بن امير الجيوش احسن قيام. وفي سنة سبع وتسعين وقع الصلح بين السلطانين بركيارق وأخيه محمد ابني ملكشاه وتقرّرت القاعدة ان بركيارق لا يعترض أخاه محمدا في الطبل وان لا يذكر معه على منابر البلاد التي صارت له وهي ديار بكر والجزيرة والموصل والشام. وفي سنة ثماني وتسعين توفي السلطان بركيارق بن ملكشاه وكان قد مرض باصفهان بالسلّ والبواسير فلما ايس من نفسه خلع على ولده ملكشاه وعمره حينئذ اربع سنين وثمانية أشهر واحضر جماعة الأمراء وأعلمهم


[١-) ] يقال سقمان وسكمان. كربوقا وكربوغا.
[٢-) ] تملك المصريون على البيت المقدس سنة تسع وثمانين واربعمائة ثلاث سنين قبل تملك الفرنج عليه.
[٣-) ] هذا غلو فلا يدخل تحت التصديق وان غد فريد تسارع الى كف الجيش عن القتل.
[٤-) ] وكان مولده سنة سبع وستين واربعمائة.
[٥-) ] ويروى الايصل وهو تصحيف.