زمن الربيع حضروا كلهم في عساكرهم وثلثة ايام متوالية فرحوا جميعا ثم شرعوا فيما تقدّم به جنكزخان من الوصية والعهد بالمملكة الى اوكتاي فامتثلوا كلهم الأوامر الجنكزخانية واعترفوا بأهليته لذلك. فاستقالهم اوكتاي الولاية قائلا: ان امر الوالد وان كان لا اعتراض عليه لكن ههنا أخ اكبر مني وأعمام هم اولى مني بها. فلم يقيلوه ايّاها واصرّوا على انه لا بدّ من امتثال مرسوم الوالد وداموا على إصرارهم أربعين يوما وما زالوا يتضرعون اليه ويلحّون عليه بالمسألة حتى أجاب الى ذلك فكشفوا رؤوسهم ورموا مناطقهم على أكتافهم وأخذ جغاتاي اخوه الكبير بيده اليمنى واوتكين عمّه بيده اليسرى فأجلساه على سرير المملكة ولقّباه قاان ولزم له الغ نوين كأس شراب فسقاه وجثا كل من كان حاضرا داخل الخزكاه وخارجها على ركبتيه تسع مرّات ودعوا له ثم برزوا كلهم الى خارج وجثوا ثلث مرّات حيال الشمس. وانما اختصّ الغ نوين بلزوم الكاس لأنه أصغر أولاد جنكزخان وفي عادة المغول ان الابن الصغير لا يقتسم ولا يخرج عن بيت أبيه وإذا مات الأب فهو يتولّى تدبير المنزل. ففي تلك الأربعين يوما كان يقول اوكتاي: ان الغ نوين هو صاحب البيت واكثر مواظبة لخدمته وابلغ مني تعلّما لسياسته فالمصلحة تفويض هذا الأمر اليه. فلذلك سبق الجميع بتصريح الطاعة.
واما الأمراء فانتخبوا من بناتهم الأبكار الصالحة لخدمة قاان أربعين بنتا وحملوهنّ مزيّنات بالحليّ الفاخرة والخيول الرائعة الى خدمته. ولما فرغ من هذه الأمور صرف همته الى ضبط الممالك وجهّز جورماغون في ثلثين ألف فارس وسيّرهم الى ناحية خراسان وأنفذ سنتاي بهادر [١] في مثل ذلك العسكر الى جانب قفجاق وسقسين وبلغار وجماعة اخرى الى التبّت وقصد هو بنفسه بلاد الخطا.
وفي سنة سبع وعشرين وستمائة في اوائلها نزل السلطان جلال الدين خوارزمشاه على خلاط وحاصرها اشدّ حصار وشتّى عليها ونصب عليها عشرين منجنيقا على ناحية البحر وفيها أخو الملك الأشرف تقي الدين عباس ومجير الدين يعقوب والأمير حسام الدين القيمريّ وعزّ الدين ايبك مملوك الأشرف. فدام الحصار على اهل خلاط واشتدّ حتى أكلوا لحوم الكلاب وبلغ الخبز كل رطل بالشاميّ بدينار مصريّ فتسلّم خوارزمشاه المدينة والقلعة وانهزم حسام الدين القيمري وأفلت على فرس وحده ومضى الى قلعة قيمر ثم تجهّز الى خدمة الملك الأشرف الى الرقّة واقام عزّ الدين ايبك وتقيّ الدين ومجير الدين مع خوارزمشاه يركبون معه ويلعبون بالكرة. ولما طارت الاخبار