للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتمهل ومعه العسكر الكبير. فجيّش التون خان ملك الخطا [١] مائة ألف من شجعانه وقدّم عليهم أميرا [٢] من أمرائه وأنفذهم للقاء المغول. فلما وصلوا إليهم استحقروهم لقلّتهم بالنسبة إليهم وتهاونوا في أمرهم وأرادوا ان يسوقوهم كما هم الى ملكهم التون خان ليفرجوا بهم عنه غمّه إذا هو ضرب عليهم حلقة وصادهم صيدا. فشغلهم المغول بفتور المكافحة واطمعوهم الى ان وصلت الأفواج التي مع قاان فأوقعوا بعسكر الخطا ولم يفلت منهم الّا النزر. وكان التون خان بمدينة تسمّى نامكينك [٣] فلما بلغه الخبر بما جرى على أصحابه ارتاع وأيس من حياة الدنيا وجمع أولاده ونساءه وكل من يعزّ عليه ودخلوا بيتا من بيوت الخشب وأمر بضرب النار فيه فاحترق هو ومن معه أنفة من الوقوع في أسر المغول. ودخلت عساكر المغول الى المدينة ونهبوا وأسروا البنين والبنات وأمّنوا الباقي.

وفتحوا غيرها من المدن المشهورة ورتّب بها قاان الشحاني وقفل الى مواضعه القديمة وبنى بها مدينة سمّاها اردوباليق وهي مدينة قراقورم وأسكنها خلقا من اهل الخطا وتركستان والفرس والمستعربين. وبينما هم مسرورون بفتح بلاد الخطا توفّي تولي خان وكان احبّ الاخوة الى قاان فاغتمّ لذلك كثيرا وأمر ان زوجته المسمّاة سرقوتنى بيكي وهي ابنة اخي اونك خان تتولّى تدبير عساكره وكان لها من الأولاد اربعة بنين مونككا قوبلاي هولاكو اريغبوكا. فأحسنت تربية الأولاد وضبط الاصحاب وكانت لبيبة مؤمنة تدين بدين النصرانية تعظم محلّ المطارنة والرهبان وتقتبس صلواتهم وبركتهم وفي مثلها قال الشاعر:

فلو كان النساء كمثل هذه ... لفضّلت النساء على الرجال

وبعد قليل مات ايضا الأخ الكبير وهو المسمّى توشي وخلف سبعة بنين وهم تمسل هر دو باتوا سيبقان تنكوت بركه بركجار. ومن بين هؤلاء لباتوا سلّم قاان البلاد الشمالية وهي بلاد الصقالبة واللّان والروس والبلغار وجعل مخيمه على شاطئ نهر اتل وغزا هذه النواحي فقتل فيها خلائق بلغ عددهم مائتي ألف وسبعين ألفا علم ذلك من آذان القتلى التي قطعوها امتثالا لمرسوم قاان لأنه تقدّم بقطع الاذن اليمنى من كل قتيل. وبعد فراغ باتوا من امر الصقالبة تجهز للدخول الى نواحي القسطنطينية فبلغ


[١-) ] التون او الطون معناه الذهب وخان هو الملك بلغتهم. والطون خان لقب ملوك الخطا من آل كين ومعنى كين ايضا الذهب.
[٢-) ] أميرا ر أميرين.
[٣-) ] ويروى: نامليك.