للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقصد بنفسه الروم. ولما عرف البندقدار انه لا يمكنه مقاومته رحل عن بلد الروم وتوجه الى الشام. ولما وصل اباقا الى بلد الروم لم يجد أحدا من المصريّين وفي الحال نزل البروانة اليه ولم يره اباقا شيئا من الغضب وانما احسن اليه وأكرمه واخذه صحبته الى الطاق لما عاد حيث يستشيره كم يقدّر ان يكون في الروم عسكر يقاوم المصريّين.

وعمل دعوة عظيمة وسقاه من لبن الخيل شيئا كثيرا لأنه ما كان يشرب خمرا. وفيما هو قد خرج البروانة ليريق ماءه أشار اباقا الى أناس من حوله ليقتلوه فقتلوه وقطعوه قطعا قطعا وكان ذلك في ثاني يوم من شهر آب لتلك السنة. واما البندقدار فلما قرب من حمص أدركه اجله ومات يقولون اصابه في الحرب مع المغول نشابة في وركه ولم يمكن إخراج النصل منه وبقي أياما كثيرة ولما اذن للجرائحي ان يخرجه وجاهد في إخراجه مع خروج النصل فارق الدنيا. وآخرون قالوا ان أناسا من جماعته سقوه في لبن الخيل سمّا ولما احسّ عاد سقى لمن أسقاه منه فماتا اثناهما.

وفي سنة تسع وسبعين وستمائة لما قام الالفي ليتملك على الديار المصرية والشام لم يوافق في ذلك سنقر الأشقر. ولما تمكن الالفي وقوي جانبه هرب منه سنقر الأشقر ووصل الى الرحبة واتفق هو وامير بدويّ اسمه عيسى بن مهنا وسيّرا رسولا الى اباقا ايلخان يستدعيانه ليركب الى الشام ويسلّما اليه البلاد الشامية والديار المصرية. ولما وصلت عساكر المغول الى الشام خاف سنقر الأشقر منهم على نفسه ولم يلتق بهم بل هرب وتحصن في قلعة صهيون. فوصل المغول الى حلب واي موضع صادفوه خرّبوه.

وكان وصولهم الى الشام في وقت الشتاء من سنة ثمانين وستمائة وكان مقدّمهم قونغرتاي أخو اباقا الصغير وعاد المغول الى البلاد. وفي سنة احدى وثمانين وستمائة دخل المغول الى الشام في خمسين ألفا وفي رأسهم مونكاتمور الأخ الأصغر لاباقا وأخذوا معهم ملك الأرمن بعساكره. واجتمع عسكر الشام وفي رأسهم الالفي وسنقر الأشقر فإنهما اصطلحا في ذلك الوقت على محاربة المغول. والتقى العسكران بين حماة وحمص في يوم الخميس سلخ تشرين الاول لتلك السنة وقوي جانب المغول على جانب الشاميّين. ولما قاربوا لينتصروا عليهم نصرة ويهزموهم إذ خرج على المغول كمين العرب من بني تغلب من ميسرتهم فتوهّم المغول ان عساكر كثيرة قد أحاطت بهم من قدّامهم ومن خلفهم ولم يلحق الهرب [١] اصحاب الميسرة مع اهل القلب. واصحاب الميمنة وفيهم ملك الأرمن


[١-) ] يريد انهم انهزموا ولكن لم يفوزوا بالنجاة في هزيمتهم ويؤكد هذا المعنى قول ابي الفداء ونصه: «وانزل الله نصرته على القلب والميمنة فهزموا من كان قبالتهم من التتر وركبوا قفاهم يقتلونهم» .