القوة والعنف للاحتفاظ بمتاع الغير، ختم يقول:"إن المأساة، في هذه القضية، تتمثل في كوننا وفرنسا لا نتكلم لغة واحدة. فالحكومة الفرنسية والمجلس الوطني يشرعان لبلدنا الذي يعتبرانه مزرعة متجاهلين أنه وطن وأننا لم نعد خدماً ولا أقناناً"(٤٢).
وحول نفس القانون التنظيمي استقبل السيد فرحات عباس من طرف رئيس الحكومة الفرنسية السيد Paul Ramadier الذي كان يعتقد أن في استطاعته تغيير موقف زعيم الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري. خاصة بعد أن أطلعته مصالح المخابرات على محتوى المكالمات الهاتفية التي كان يجريها مع الجزائريين الممثلين للإدارة الاستعمارية في البرلمان الفرنسي والتي دلت في مجملها على أنه تمكن من التأثير عليهم وجعلهم، الواحد تلو الآخر، يتخلون عن قناعاتهم الأولى ويتبنون، عملياً، فكرة النضال من أجل إقامة الجمهورية الجزائرية المتحدة بمحض إرادتها مع فرنسا.
ويذكر السيد عمار نارون أن المقابلة بين عباس ورمادي لم تطل كثيراً نظراً لتمسك كل منهما بموقفه وبسبب الكراهية التي كان رئيس الحكومة يضمرها لمؤسس الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري. ولقد احتفظ التاريخ، من ذلك اللقاء القصير، بحوار ممتع يدل دلالة قاطعة على ماكان للرجلين من ثقافة واسعة وقدرة فائقة على التعبير قال عباس: إن جسم الجزائر محصور في اللباس المفروض عليه. أنه في حاجة إلى التنفس. حاولوا، إذن، أن تخيطوا له لباساً عصرياً". وبدون تردد أجاب رمادي: "أجل، سيد عباس إننا سنخيط لكم لباساً جديداً لكن تفصيله سيكون دقيقاً على الطريقة الفرنسية" (٤٣).
هكذا، إذن، ناضل ممثلوا الجزائريين على اختلاف مشاربهم ضد القانون التنظيمي لكنهم فشلوا في كل ماقاموا به من مساعي ولم يستطيعوا منع البرلمان الفرنسي من تأبيد حالة الاستبداد على الشعب الجزائري، وكان من الممكن أن يؤدي ذلك إلى يأس قيادة الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري: غير أن السيد عباس ظل وفياً لمقولة رينان التي تؤكد: "أن العالم لا يعرف فتور الهمم، بل إنه يعيد العمل المجهض إلى مالا نهاية: فكل فشل يتركه شابا نشطا ومفعماً بالانبهارات"، والتي ضمنها بيانه الموجه إلى الشبيبة الجزائرية بمناسبة الفاتح مايو ١٩٤٦ (٤٤).
لأجل ذلك فإن الاتحاد لم ير في الاستقالة من مجلس الجمهورية هزيمة كما أنّه لم يعتبر عدم التواجد في البرلمان الفرنسي خسارة، وراح ينفق طاقته في