من هذا المنطلق، أصبحت باريس لا تتحرك إلا في الاتجاه الذي يحدده غلاة الكولون، وصارت محاولات الاتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري المعتدلة غيرمجدية تماماً مثل مساعي الحركة من أجل انتصار الحريات الديموقراطية. إذن، لم يعد هناك مايجعل التشكيلتين الوطنيتين تتأخران عن تحقيق الاتحاد الذي
بات مطلباً جماهيرياً كما تدل على ذلك الآراء المعبر عنها على أعمدة "المنار"(٩١) والصادرة عن شخصيات تنتمي إلى كل التيارات السياسية وعن غيرها من الناطقين بأسمائهم الخاصة أو بأسماء الجمعيات الخيرية والرياضية والتربوية.
كل هذه العوامل متضافرة هي التي قادت إلى تغيير الأوضاع السياسية في الجزائر وجعلت الاتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري يوجه نداء إلىكافة التشكيلات الوطنية يدعوها، من خلاله، إلى إقامة وحدة تعمل على تحقيق خمسة أهداف هي:(٩٢):
- إلغاء الانتخابات التي جرت يوم ١٧/ ٠٦/١٩٥١.
- التطبيق الفوري لقانون ١٩٤٧.
- تطبيق الديمقراطية في المجالس بجميع أنواعها.
- استصدار قانون يقضي بتخصيص مبلغ ١٠ مليارات فرنك لبناء المدارس والطرقات في الريف الجزائري.
ووجد النداء استجابة لدى الحركة من أجل انتصار الحريات الديموقراطية وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين والحزب الشيوعي الجزائري.
وبعد تشاور ونقاش وقع الاتفاق يوم ٢٧/ ٠٧/١٩٥١ على تكوين لجنة تحضيرية (٩٣) لتأسيس جبهة جزائرية للدفاع عن الحرية واحترامها.
[الأعمال بنتائجها]
ولم يمض سوى أسبوع واحد حتى أسفرت اللقاءات بين الأشقاء عن مؤتمر التأم في سينما دنيازاد (٩٤)، بالجزائر العاصمة دعت إليه اللجنة التحضيرية المذكورة وحضره جمع غفير من الجزائريين وبعض الجزائريات يمثلون كافة أنحاء الوطن وينتمون إلى مختلف التيارات الفكرية والسياسية. ودامت أعمال المؤتمر يوماً واحداً هو اليوم الخامس من شهر أغسطس/آب وتوجت بالإعلان عن ميلاد الجبهة الجزائرية للدفاع عن الحرية واحترامها التي يشرف عليها