للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئاً فشيئاً إلى جهاز إداري تابع للإدارة في أحسن الحالات.

وبعد اختتام المؤتمر الأول للحزب ودراسة مختلف اللوائح والمقررات الصادرة عنه، يحق لنا القول: إن الأيديولوجية لجبهة التحرير الوطني قد جمدت عملياً غداة استرجاع البلاد سيادتها الوطنية، وأن الجزائر قد انطلقت، في جمع عملية البناء، بأيديولوجية جديدة هي، نظرياً، الأيديولوجية الاشتراكية.

[الخاتمة]

إن الذين تعاملوا ويتعاملون مع تاريخ الثورة الجزائرية، حتى الآن، لم يفعلوا ذلك إلا وكأنهم يؤرخون لحرب تحريرية أو لأحداث دموية، أو لشكل من أشكال الحرب الأهلية التي ليست لها منطلقات أيديولوجية واضحة، بل إن معظم من كتب إلى يومنا هذا، لايقرون بوجود ايديولوجية خاصة بجبهة التحرير الوطني، وأكثر من كل ذلك، فإن ثلة من إطارات الدولة الجزائرية أنفسهم وممن تقلدوا مناصب سياسية عليا يسيرون في هذا الاتجاه ويدعمون هذا الادعاء.

وإذا كان يقبل من المؤرخين والمفكرين والسياسيين أن ينكروا على جبهة التحرير الوطني كونها حركة سياسية أصيلة تمتلك مشروع مجتمع متكامل، مغاير، تماماً لصورة المجتمع الذي أقامته فرنسا الاستعمارية، فإن ذلك مرفوض من الجزائريين الذين يفترض فيهم أن يكونوا أكثر إدراكاً لحقيقة مايجري في بلادهم وأقرب إلى فهم غيرهم خاصة إذا كان هؤلاء ينطلقون من موقع المدافع عن المصلحة العليا لوطنهم.

فالمثقفون الفرنسيون وفي مقدمتهم المؤرخون يعرفون في قرارة أنفسهم، إن الحركة الوطنية الجزائرية قبل سنة أربع وخمسين وتسعمائة وألف، كانت تنطلق من أيديولوجيات متقاربة جداً وأنها جميعاً تتناقض مع الواقع الاستعماري، لكن مصلحة فرنسا لاتمكن في العمل على بلورة ذلك التقارب حتى لاتتشكل الوحدة التي تقود إلى تعبئة الجماهير الشعبية من أجل استرجاع السيادة الوطنية، ولذلك، فإنهم كانوا، بكتاباتهم المتنوعة، يهدفون، بدلاً من البلورة، إلغاء ذلك التقارب بإبراز الاختلاف الصارخ الذي يميز الوسائل المعتمدة من طرف كل تشكيلة سياسية وطنية لتقويض أركان الاستعمار، وبالتركيز على توسيع الهوة بين التيارات السياسية الوطنية العاملة على الساحة الجزائرية، لايثنيهم شيء عن العمل من أجل تحقيق ذلك، ونظراً لسيطرتهم على مختلف الكليات التي تستقبل الإطارات الجزائرية في مرحلة ما بعد التدرج

<<  <  ج: ص:  >  >>