المركزية الديمقراطية ويهدف إلى بناء الدولة الاشتراكية في الجزائر، وينتهج سياسة عدم الانحياز ويعمل على تدعيم القضايا العادلة ومساندة حركات الشعوب المناضلة في العالم أجمع.
إن تحويل جبهة التحرير إلى حزب طلائعي في مثل هذه الظروف يُعّد انقلاباً سياسياً لامبرر له، خاصة وأن الحزب لايمكن أن يكون في الحكم بإدارة موروثة عن الاستعمار وإطارات مسيِّرين مكوِّنين وفقاً لبرامج استعمارية وبواسطة مكونين لاعلاقة لهم بالأيديولوجية الثورية، وحتى العناصر التي تكونت في صفوف جبهة التحرير الوطني فإنها، في معظمها كي لانقول في مجملها، ترفض بناء الدولة الاشتراكية لأنها لم تنته بعد من إقامة الدولة الديمقراطية الاجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية التي حددها بيان أول نوفمبر كهدف رئيسي.
فالحزب الطلائعي بدون إمكانيات بشرية يظل حبراً على ورق بل يتحول بالتدريج، إلى مجرد جهاز يوظف لخدمة الأغراض الشخصية ولمنع الشرائح الوطنية في المجتمع من التصدي بحزم وجد للقوات المناهضة للثورة.
[قراءة فاحصة لميثاق الجزائر]
وعندما نعود، اليوم، إلى ميثاق الجزائر، نلاحظ بكل سهولة أنه مليء بالمغالطات التاريخية والتناقضات السياسية والطموحات اللامشروعة، غير أن كل ذلك لايعني أنه خال من بعض التحاليل الصحيحة والمقررات الموضوعية التي تأخذ في الاعتبار الإمكانيات الحقيقية من أجل تغيير الواقع.
فالجزائر بلد إسلامي، هذه حقيقة تضمنتها كل الوثائق الأساسية لجميع الأيديولوجيات الوطنية. لكن الذي يشكل مغالطة تاريخية هو تأكيد ميثاق الجزائر على أن الجماهير الجزائرية كانت عميقة الإيمان وأنها "قاومت بصلابة لتخليص الإسلام من كل الشوائب والخرافات التي شوهته أو خنقته، كما أنها لم تناهض الدجالين الذين كانوا يريدون أن يجعلوا منه مذهباً للخشوع والتوكل، وتسعى لربطه بإرادتها في إنهاء استغلال الإنسان للإنسان"(١) والواقع، أن الذي قام بهذا الدور هم العلماء سواء كأفراد منذ أن وضعت الحرب الامبريالية
(١) جبهة التحرير الوطني، اللجنة المركزية للتوجيه، ميثاق الجزائر، مجموع النصوص المصادق عليها من طرف المؤتمر الأول لحزب جبهة التحرير الوطني ١٦ - ٢١ أبريل ١٩٦٤، الجزائر ١٩٦٥، ص٣٥.