الإدارة الاستعمارية تملأ الصناديق كما تشاء أو تقيم محاضر النتائج عشية الانتخاب (٦٠)، وحيث ظهرت المقاومة أو بدت علامات الاحتجاج، فإن الولاية العامة قد لجأت إلى الجيش أو إلى سائر قوات الأمن من تقوم، كعادتها، بأعمال القمع والترهيب (٦١).
هكذا ورغم أن المنتخبين منحوا أصواتهم لمرشحي الحركة الوطنية، فإن الإدارة الاستعمارية العاملة تحت الإشراف المباشر للسيد نيجلان، قد ألغت الإرادة الشعبية وقررت بمفردها إعطاء تسعة مقاعد للحركة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية وثمانية للاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري، بينما خصصت الباقي لعملائها الذين لم يكونوا ليفوزوا بمقعد واحد لولا إجراءات التزييف على الطريقة النايجلانية.
[النضال داخل الجمعية الجزائرية]
لقد كان واضحاً منذ الإعلان عن النتائج، أن الإدارة الاستعمارية لم تكن مستعدة لتمكين الوطنيين الجزائريين من تأدية دورهم في التعبير عن إرادة منتخبيهم. وكان واضحاً، أيضاً، أن مندوبي التشكيلتين الوطنيتين لن يكتفوا، في أشغال الجمعية، بدور المتفرج السلبي. وكما كان متوقعاً، فإن الاصطدامات بدأت مع الاجتماع الأول. حدث ذلك على مرحلتين: الأولى: عندما طلب السيد فرحات عباس الكلمة ولم تعطِ له (٦٢)، فاضطر إلى مغادرة القاعة متبوعاً بمندوبي حزبه، والثانية: بمناسبة التنصيب الرسمي لمكتب الجمعية من طرف الوالي العام السيد ناجيلان. فمندوبو الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري انسحبوا من القاعة بمجرد أن بدأ النشيد الوطني الفرنسي (٦٣).
وأثناء تكوين اللجان، وبحكم العدد، أقصي مندوبو الحركة الوطنية، وبذلك أصبح وجودهم شبه صوري ومقتصراً على بعض الاحتجاجات التي يعبر عنها من حين لآخر خلال الجلسات العمومية والتي لا يكون لها أي تأثير إيجابي على سير المداولات. وحينما فشل الاتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري في تغيير الوضع وإقناع الأغلبية بضرورة إشراك الأقلية في أعمال اللجان، فإنه قرر يوم ١٧/ ٠٣/١٩٥٠ سحب مندوبيه في انتظار تراجع الإدارة الاستعمارية الذي لم يحدث إلا في شهر نوفمبر ١٩٥١ وبكيفية لا تكاد تذكر، فغلاة الكولون، الذين عز عليهم أن يقطعوا شعرة معاوية، وبعد أن قررت الحركة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية سحب كل مندوبيها، وافقوا على تمكين الاتحاد الديمقراطي