للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العام" (٥٦).

إن نايجلان لم يكن مخطئاً تماماً، لكنه لم يكن في مستوى ذكاء الوالي العام السابق إيف ستاتينيو الذي كاد، بفضل مرونته العجيبة، أن يقنع الجزائريين على اختلاف ميولاتهم ومستوياتهم بتعاطفه معهم في الوقت الذي توجد فيه أدلة ملموسة على محاربته للحركة الوطنية بكل الوسائل. نكتفي هنا، بالإشارة إلى تعليماته الصارمة بمنع منتخبي الحركة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية من عقد مؤتمرهم يوم ٢٥/ ٠١/١٩٤٨، أي قبل تنحيته بأسبوعين فقط، وكذلك حملة الاعتقالات والاعتداءات على المرشحين والمقرات على حد سواء ابتداء من فاتح جانفي سنة ١٩٤٨.

مثل هذه الإجراءات التعسفية هي التي لجأ إليها السيد نيجلان لمنع تشكيلات الحركة الوطنية وحتى الشيوعيين من الفوز بمقاعد المجموعة الانتخابية الثانية في الجمعية الجزائرية. وأكثر من ذلك فإنّه جند الصحافة الاستعمارية الصادرة في الجزائر للتحذير من خطر الانتخاب على مرشحي الحركة المصالية "الذين لا يمكن إلا أن يكونوا قوة معرقلة ومعادية لكل ما هو فرنسي" (٥٧).

ولم يكتف نيجلان باضطهاد إطارات الحركة الوطنية موجهاً لهم تهمة المس بالسيادة الفرنسية والعمل على إرباك النظام العام، وإنما تجاوز ذلك إلى الأمر باعتقال المرشحين أنفسهم كما جاء في تقرير اللجنة المركزية للإعلام والتوثيق التابعة للحركة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية؛ ومن جهة أخرى صدرت الأوامر الصارمة إلى المصالح الإدارية بالبلديات كي لا توزع بطاقات الناخبين في المراكز التي شك في ميولات سكانها الوطنية.

وعندما بدأت عملية الاقتراع، تضاعفت إجراءات التزييف مثل إسناد الإشراف على مكاتب التصويت إلى الأوربيين فقط أو إلى من يعينون من طرفهم.

وفي بعض الحالات التي ذكرتها اللجنة المركزية للإعلام والتوفيق التابعة للحركة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية، فإن الإدارة الاستعمارية قد حولت عناوين المكاتب دون إخبار المواطنين، أو نقلتها إلى بيوت خاصة يغلقها أصحابها في وجه المنتخبين (٥٨). وفي كثير من الحالات وبأمر من عامل العمالة، حجبت قوائم مرشحي الحركة الوطنية ومنع ممثلوهم من الدخول إلى المكاتب للمشاركة في الرقابة القانونية (٥٩). وأحياناً، وربحاً للوقت، كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>