بضرورة التفتح على سائر القوى الحية في البلاد قصد الاستفادة من جميع الطاقات لإرغام الحكومة الفرنسية على تلبية رغبة الشعب الجزائري في استرجاع سيادته واستقلاله.
ج - لم تعد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تكتفي بالدعوة الدينية والعمل التربوي والنشاط التعليمي، بل إن تواتر الأحداث السياسية قد فرض على قيادتها تجاوز إطار قانونها الأساسي والدخول، علناً، إلى معركة النضال ضد الوجود الاستعماري وليتمكن الجزائريون من تقرير مصيرهم بأنفسهم.
د - إن الحزب الشيوعي الفرنسي قد فقد كل أمل في استعادة مكانته في أعلى هرم السلطة الفرنسية بسبب موقف الاتحاد السوفياتي من مخطط مرشال سنة ١٩٤٧، قد أشار على الحزب الشيوعي الجزائري بإعادة النظر في مواقفه من الحركة الوطنية الجزائرية التي برهنت الانتخابات على تجذرها في أوساط الجماهير الشعبية. فعملاً بنصيحة الأخ الأكبر، وابتداءً من سنة ١٩٤٩، شرعت قيادة الحزب في الانفتاح على الإطارات الجزائرية وتخلت بالتدريج على كثير من قناعاتها حتى أصبحت، في نهاية سنة ١٩٥٠، تطالب، هي أيضاً، بجمهورية جزائرية مستقلة وبتكوين جبهة وطنية ديموقراطية لتحقيق تلك الغاية (٨٣).
٢ - العوامل السلبية:
أ - على الرغم من أن اسم السيد نايجلان قد أصبح، بالنسبة للجزائريين، رمزاً لتزييف الانتخابات، فإن تغييب إرادة الشعب الجزائري إنما تندرج في إطار استراتيجية إجمالية وضعتها الإدارة الكولونيالية وأشرف على تطبيقها، بنفس العزم والصرامة، كل الولاة بما فيهم السيدإيف شاتينيو الذي استطاع أن يصنع لنفسه مكانة الصديق والمتعاطف مع القضية الجزائرية.
ولقد أدركت كل الأحزاب السياسية، خاصة بعد انتخابات افريل سنة ١٩٤٨، أن الكولون هم الموجهون الحقيقيون لسياسة فرنسا في الجزائر: وإن هذه السياسة لا تخدم سوى مصلحة بعض غلاتهم كما جاء ذلك في وصية الرئيس Queuille للسيد روجي ليونار (٨٥) قبل التحاقه بمنصبه الجديد خلفاً للسيد نايجلان: "عليك أن تعرف أن قسنطينة هي روني ميار، والجزائر العاصمة هي بورجو، أما وهران فيحتمل أن تبقى في يد عامل العمالة مالم يقترح غلاة الكولون واحداً من بينهم"(٨٦). ولكي يوضح تعليماته أكثر، أضاف بلهجة متشددة:"أما لعباس ومصالي فقل لهما: القوة هي الفصل بيننا وبينكم"(٨٧).