للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما يتعلق بمصير الجزائر، وهم غير مستعدين للتنازل عن شيء يذكر يكون من شأنه تمكين الجزائريين من المشاركة الفعلية في تسيير شؤون البلاد، كما أنهم عازمون على استعمال جميع مالديهم من إمكانيات العنف والقمع واللجوء إلى كل أساليب التزييف لمنع الجماهير الشعبية من اختيار ممثليها الحقيقيين في جميع المجالس المنتخبة بما في ذلك الجمعية الجزائرية.

وتأكد السيد فرحات عباس، من جهة أخرى، إن الإدارة الاستعمارية لا تنظر إلى المسألة الجزائرية إلا من زاويتها التي لا ترى من خلالها غير الجزائر الفرنسية. أما كل محاولاته لاقناعها بالسير معه في طريق الاتحاد الفرنسي الذي لا يقصي أحداً، أو في سبيل إقامة جمهورية جزائرية متحدة مع فرنسا بمحض إرادتها وحيث تبقى الخارجية والدفاع من اختصاص الحكومة الفرنسية، فإنها باءت بالفشل ولم تتمكن إلا من منع التلاقي بين الأشقاء وتأخير آجال التوحيد المنتظر واللازم لتخليص الوطن من السيطرة الأجنبية.

وكان هذان الاستنتاجان كافيين ليشدد الاتحاد موقفه وليعيد النظر في برنامجه السياسي وفي علاقاته مع الحركة المصالية وحتى مع الحزب الشيوعي الذي كان السيد فرحات عباس، كغيره من مسؤولي الحركة الوطنية، ينظر إليه كتنظيم تابع للحزب الشيوعي الفرنسي ولا يتحرك إلا في إطار المخططات السوفيتية" (٧٩).

ب - إن الحركة المصالية التي كانت تعتقد أنها تستطيع وحدها تقويض أركان الاستعمار وتمكين الشعب الجزائري من استرجاع سيادته المغتصبة والتي كان قادتها يظنون أنهم يحتكرون الوطنية الحقة ويتهمون غيرهم بالعمالة للإدارة الاستعمارية وبالعجز عن الارتقاء إلى مستوى طموحات الجماهير الشعبية في الجزائر، قد اقتنعت بأن تحرير الجزائر يتطلب تضافر جهود جميع أبنائها المخلصين.

ولقد كان في أساس هذا التحويل العقيدي عددمن الأزمات التي مرت بها الحركة (٨٠)، وكثير من إجراءات العسف والاستبداد التي سلطتها الإدارة الكولونيالية على إطاراتها ومناضليها وهيآتها (٨١)، كما أن موقف الاتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين والحزب الشيوعي، خاصة بعد مؤتمره الخامس (٨٢). من تدابير القمع الموجه ضد المناضلين الوطنيين ومن عمليات التزييف والإحباط التي كانت الولاية العامة تتفنن في وضعها وتنفيذها، كل ذلك ساهم في إقناع السيد الحاج مصالي ورفاقه

<<  <  ج: ص:  >  >>