للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- مواصلة عملية استئصال التنظيم المصالي، وتكثيف الاتصال مع الوسط العمالي قصد التخطيط لإلحاق ما يمكن من أضرار بالاقتصاد الاستعماري، وفي نفس الوقت الذي يتم فيه تنظيم العمال الجزائريين بصفة شبه عسكرية محكمة، توجه العناية إلى المنظمات والتشكيلات السياسية قصد استمالتها بالتدريج وجعلها تنفصل شيئاً فشيئاً عن النظام الاستعماري لتصبح في النهاية قوة داعمة للثورة الجزائرية.

[ب - في المجال العسكري]

إن التنظيم الذي بدأت به الثورة ليلة الفاتح من نوفمبر سنة أربع وخمسين وتسعمائة وألف يدل دلالة قاطعة على أن جيش التحرير الوطني امتداد طبيعي للمنظمة الخاصة التي كانت قد تأسست عام سبعة وأربعين وألف في إطار حزب الشعب الجزائري والتي سبقت الإشارة إليها في الفصل الثالث من الباب الأول.

وإذا قررت القيادة الأولى للثورة تقسيم الجزائر إلى مناطق. (١) فإنها فعلت ذلك تقليداً للمنظمة الخاصة التي كانت قد قسمت البلاد إلى تسع مناطق. وعلى غرار المنظمة الخاصة أيضاً، بدأ جيش التحرير الوطني ينظم نفسه على أساس الفوج ونصف الفوج. وكان المجاهدون الأوائل كلهم من أعضاء المنظمة الخاصة، لأجل ذلك اتسمت الانطلاقة بالسرية المطلقة وتميزت العمليات الأولى بكثير من الدقة والتنظيم المحكم حتى أن السلطات الاستعمارية التي اندهشت لذلك، أشاعت بأن ثمة تقنيين أجانب يسيرون المعركة ويوجهون الثورة في داخل البلاد وفي خارجها.

ولاحظ المؤتمرون أن جيش التحرير الوطني قد برهن على قدرة فائقة في تنظيم عمليات عسكرية ناجحة مكنته من اكتساب الثقة في النفس ومن افتكاك أسلحة حربية جديدة وعديدة استعملت لدعم القدرة الحربية ولتجنيد أعداد وافرة من المجاهدين الذين بدأوا يتوافدون من مختلف الفئات الاجتماعية واجدين في قدماء المنظمة الخاصة إطارات مكونة ومدبرة على القتال.

ولقد كانت الانتصارات التي أحرز عليها جيش التحرير الوطني (٢) حافزاً قوياً بالنسبة لمجموعة من الجزائريين الذين كانوا يمارسون في صفوف الجيش الفرنسي سواء كجنود بسطاء أو كضباط وضباط صف، فهربوا محملين بالأسلحة والذخيرة، من ثكنتاهم والتحقوا بإخوانهم المجاهدين.


(١) YOUSFI (Mohamed) I, Algerie en marche Tome ENAL ١٩٨٥, P. et Suivantes.
(٢) من معارك جيش التحرير الوطني ص٨، وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>