للبيان الجزائري من المشاركة كعضو أساسي في لجنتين ليس لهما أي تأثير على حياة الشعب الجزائري (٦٤).
إن سلوكات الإدارة الاستعمارية لم تكن غريبة بل هي امتداد طبيعي للخطة
التي وضعت من أجل تزييف الانتخابات، إذ لا يعقل أن يجند الوالي العام كل إمكانيات فرنسا، في الجزائر، لإقصاء ممثلي الحركة الوطنية من الجمعية الجزائرية ثم يقبل هونفسه إشراك من وصل منهم، رغم أنفه، إلى تلك الجمعية في أعمال اللجان.
صحيح أن القانون التنظيمي، في حد ذاته، والجمعية الجزائرية التي أنشئت بموجبه يتناقضان تماماً مع طموحات الشعب الجزائري المعبر عنها بواسطة كل من التشكيلتين الوطنيتين اللتين كانتا تدركان ذلك حق الإدراك، لكن القياديين، في التشكيلتين، كانوا يريدون، من خلال المشاركة في الانتخابات، التدليل على أن الجماهير الشعبية تسير وراءهم وهي تمنحهم كل الثقة لتمثيلها. لقد كانوا، بقرارهم ذلك، سذجاً، لم يأخذوا في الحسبان موقف الإدارة الاستعمارية التي لم توجد إلا لتنفيذ إرادة غلاة الكولون.
ومن ثمة، كان عليهم أن يعلموا، مسبقاً، أن الطريق إلى قصر كارنو (٦٥) سوف تكون مسدودة أمامهم وأن المقررين، باسم الكولون، لن يمكنوهم من استعمال منبر أعد للاحتفاظ بالجزائر فرنسية.
ومن الممكن، في نظرنا، أن يكون تراجع الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري عن الخطوات التي كان قطعها في طريق توحيد الطاقة الوطنية، ناتجاً عن رغبة قيادته في تقديم تنازلات جوهرية للأوربيين الذين كانت تخيفهم فكرة الانفصال عن فرنسا وما يحيط بها من طروحات يزخر بها برنامج حزب الشعب الجزائري ... فالسيد فرحات عباس إذ تخلى فجأة، عن الدعوة إلى الجمهورية الجزائرية ذات السيادة المطلقة وعاد من جديد، إلى مشروع الاتحاد الفرنسي، لم يكن يقصد سوى طمأنة الحكومة الفرنسية وإقناع الرأي العام الفرنسي بأنه مختلف في نظرته إلى مستقبل الجزائر، عن الحاج مصالي الذي يسعى بجميع الوسائل إلى بنائه خارج دائرة النفوذ الفرنسي. ومع ذلك، فإن الكولون لم يقتنعوا بأن الاتحادالديمقراطي للبيان الجزائري يمكن أن يكون صادقاً في مواقفه، ولذلك، فإنهم وضعوه في نفس خانة الحركة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية وراحوا يعملون على إقصائهما معاً.
وكان رد الفعل الكولونيالي درساً ثميناً بالنسبة للاتحاد الديمقراطي للبيان