وليس الاختلاف حول التسمية، وحده، هو الذي يستدعي التأمل والتفكير ملياً، بل إن المؤرخين لم يتمكنوا، حتى الآن، من الفصل نهائياً، فيما إذا كان يمكن التعامل مع تلك التشكيلة السياسية ككيان مستقل جاء بديلاً لحزب الشعب الجزائري الذي حلته الإدارة الاستعمارية، رسمياً، بتاريخ السادس والعشرين من شهر سبتمبر سنة تسع وثلاثين وتسعمائة وألف (٢٤)، أم هل يجب اعتبار الحركة من أجل انتصار الحريات الديموقراطية مجرد تسمية يلجأ إليها الحزب، فقط، لإضفاء طابع الشرعية على جزء مما يقوم به من نشاط يومي على مختلف الأصعدة وفي جميع الميادين.
وفيما يخصنا، فإننا نرجح الافتراض الثاني، ونعتقد أن الحركة من أجل انتصار الحريات الديموقراطية لا يمكن التأريخ لها في معزل عن حزب الشعب الجزائري الذي لم يختف مثل نجم شمال إفريقيا الذي غادر الساحة السياسية نهائياً، يوم ١١ مارس سنة ١٩٣٧.
فالحركة من أجل انتصار الحريات الديموقراطية، إذن، وكما سبقت الإشارة إلى ذلك، لم تكن سوى واجهة استعملها حزب الشعب الجزائري لتقديم مرشحية إلى الانتخابات التشريعية الفرنسية ثم أبقاها قناعاً لممارسة النشاط السياسي العلني. وعلى هذا الأساس، فإن اعتبارها حزباً قائماً بذاته يكون مغالطة تاريخية. وحتى عندما يقرن ذكرها بحزب الشعب الجزائري، فإن ذلك غير معقول لأننا، عندها نقول كذلك: حزب الشعب الجزائري/ المنظمة الخاصة (OS/PPA) تماماً مثلما نقول: MTLD/ PPA ومهما يكن من أمر، فإن المشاركة في الانتخابات التشريعية الفرنسية كانت تجربة فاشلة لأن الإدارة الاستعمارية لم تكن مستعدة لتغيير نظرتها الاستعمارية للجزائر التي أدرجتها المادة ستين من دستور ١٣/ ١٠/١٩٤٦ ضمن العمالات الفرنسية فيما وراء البحار. وطبقاً للمادة المذكورة وضعت السلطات الرسمية مشروعاً حكومياً أول بتاريخ ٢٤ سبتمبر ١٩٤٦ يهدف إلى ضبط القوانين التي تتحكم في تنظيم الجزائر وتسيير شؤونها. لكن المشروع لم يبرح قمطرات وزارة الداخلية بسبب تغيير الحكومة التي وضعته (٢٥) ونظراً لما أبداه غلاة الكولون من معارضة له رغم كل ما تضمنه من تجذير لفكرة الجزائر الفرنسية. وفي التاسع والعشرين من شهر ماي سنة ١٩٤٧ قام وزير الداخلية بإخراج المشروع من جديد إلى حيز الوجود وسلمه إلى اللجنة الدستورية ليأخذ طريقه الطبيعي من أجل أن يكون قانون الجزائر التنظيمي.