الاستعمارية قد استطاعت، بكل سهولة، أن تحول انتصار الوطنيين إلى نوع من الهزيمة تمثلت في رفض منتخبي المجموعة الأولى التعامل معهم وتمكينهم من تأدية مهامهم كما هي محددة في القانون.
واستخلص غلاة الكولون الدرس من تلك الانتخابات البلدية فتأكدوا أن معظم الجزائريين يؤيدون حزب الشعب في نشاطه الهادف إلى استرجاع الاستقلال الوطني، ولكي لا تتكرر نتائج الانتخابات البلدية في مستويات أخرى، عملوا بواسطة ممثلهم في حكومة باريس (٣٩) على استبدال الوالي العام السيد ايف شاتينيو بوزير التربية السابق السيد ايدموند نايجلان الاشتراكي المذهب والذي جئ به خصيصاً لسد جميع الطرق وبكل الوسائل في وجه كافة التشكيلات السياسية الوطنية.
ولقد استطاع الوالي العام الجديد، خلال الفترة التي قضاها في الجزائر، أن يربط اسمه بتزييف الانتخابات حتى صارت الطريقة النايجلانية مضرب الأمثال في سائر أنحاء البلاد. وكانت الانتخابات الأولى التي أشرف عليها هي تلك الخاصة بالجمعية الجزائرية التي نص على تأسيسها قانون الجزائر التنظيمي في مادته السادسة (٤٠).
ومرة أخرى لاحت في الأفق آمال الاتحاد بين التشكيلتين السياسيتين الوطنيتين لكن ذلك الأمل سرعان ما تلاشى بسبب موقف الحركة من أجل انتصار الحريات الديموقراطية التي اشترطت أن تكون الحملة الانتخابية تحت شعار:"الأمة الجزائرية ذات السيادة المطلقة" وأن تكون حصتها من المقاعد الثلثين غير أن ذلك لم يكن هو السبب الوحيد، بل لابد من الإشارة إلى رفض الاتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري ثنائية العمل وإلحاحه على ضرورة إشراك الحزب الشيوعي الجزائري في ما يمكن تسميته بالجبهة الديموقراطية التي تكون قادرة على التصدي للمناورات الاستعمارية التي يقوم بها "تجمع الشعب الفرنسي"(٤١) الذي جعل شعاراً له "الجزائر ووهران وقسنطينة عمالات فرنسية وستبقى كذلك"(٤٢).
إن السببين المشار إليهما أعلاه لم يكونا كافيين لإجهاض عملية الاتحاد بين التشكيلتين الوطنيتين لأن اشتراط العمل تحت شعار:"الأمة الجزائرية ذات السيادة المطلقة" يلتقي في الأعماق مع الدعوة إلى تشكيل جبهة وطنية تتصدى لبرنامج تجمع الشعب الفرنسي الذي يهدف إلى الإبقاء على الجزائر الفرنسية. ولو أن قيادتي الحزبين تحاورتا جدياً في الموضوع لوجدتا طريقهما إلى ضبط