للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختتم أشغاله بطرد المنشقين وبالمصادقة على لائحة تؤكد "التمسك بأيديولوجية حزب الشعب الجزائري وبالحاج مصالي" (٦٩).

وإذا كانت مهمة القضاء على حركة التمرد صعبة في فرنسا حيث تطلب ذلك استعمال العنف واللجوء إلى شتى وسائل الإقناع، فإن الأمر، في داخل البلاد، قد اقتصر على فصل العناصر المتورطة في العملية التي لم تتأثر بها "سوى قسمة عين الحمام من جملة القسمات الثلاث عشرة التي تشتمل عليها بلاد زواوة" (٧٠).

ومن خلال شهادات الأحياء من المسؤولين وبالرجوع إلى ما هو متوفر لدينا من وثائق، نستطيع القول إن الحاج مصالي قد وظف ما يسمى بالأزمة البربرية ليتخلص من منافسه الأول الدكتور محمد الأمين دباغين وعدد من أنصاره الفاعلين.

وإذا كان صحيحاً أن حزب الشعب الجزائري قد تغلب بسهولة على محاولة التفجير التي أرادتها له الإدارة الاستعمارية، وإذا كان صحيحاً، أيضاً، أن الحاج مصالي قد حقق، بتلك المناسبة، انتصاراً شخصياً فإن صفوف الحزب قد أصيبت في أعماقها وخسرت، في ظرف قصير جداً، عدداً هائلاً من المناضلين الأكفاء الذين ينتمون، فعلاً، إلى ما يسمى بمنطقة القبائل لكنهم لم يكونوا، في ذلك الوقت، يحملون الفكرة البربرية المناهضة للعروبة والإسلام. وفي نظرنا، فإن السيد حسين آيت أحمد كان أكبر المتضررين شخصياً ووطنياً، لأنه أقصي عن مسؤولية المنظمة الخاصة قبل أن ينجز برنامجه الثوري الذي كان يطمح أن ينتهي به إلى إشعال فتيل الثورة، هذا من جهة، ولأنه، من جهة ثانية، تعرض إلى تقزيم عسفي مازال يلاحقه إلى يومنا هذا.

لقد كان في استطاعة قيادة حزب الشعب الجزائري أن تتعامل مع الموضوع بأسلوب مغاير يمكن من اكتشاف المتسللين إلى الصفوف بغرض والمنحرفين عن الخط الإيديولوجي لسبب أو لآخر ومعاقبة كل منهم العقاب الذي يستحقه. وفي المقابل، كان ينبغي أن يفتح الحوار مع المناضلين الذين كانوا قد أبدوا كل الاستعداد للتعاون مع المكتب السياسي من أجل تصفية الأجواء ويأتي السيد حسين آيت أحمد في مقدمة أولئك المناضلين. ولأن قيادة الحزب لم تفعل ذلك، فإنها، رغم ما حققته من نتائج آنية، قد ساهمت في حرمان الحركة الوطنية، من طاقات ثورية برهنت على نجاعتها في الميدان، ودفعت، من حيث لا تدري، بكثير من الإطارات في أحضان الحزب الشيوعي

<<  <  ج: ص:  >  >>