يأتي السادة عمار ولد حمودة وواعلي بناي وعمر أو صديق الذين كانوا من أكثر أعضاء اللجنة المركزية نشاطاً وحيوية والذين كانت الإدارة الاستعمارية تعتقد أنهم قادرون على تحقيق الانفصال وتشكيل حزب الشعب البربري الذي استطعنا أن نقضي عليه في المهد نظراً لما فيه من خطورة على وحدة الشعب الجزائرية" (٨٩).
فالدكتور محمد الأمين دباغين لم يدرك أن أعضاء المكتب السياسي إنما عارضوا اقتراح ولد حمودة لحمايته من أن يتحول إلى أداة مفجرة للحزب من الداخل، ولذلك فإنه غادر الاجتماع واعتزل النشاط السياسي ورفض الاستجابة لكل المحاولات التي قام بها رفاقه على اختلاف ميولاتهم، من أجل حمله على العودة إلى ممارسة مهامه. ولما لم تنجح كل المساعي، فإن اللجنة المركزية قد اتخذت، بالإجماع في جلسة يوم ١٠/ ٨/١٩٤٩ قراراً بطرده من الصفوف (٩٠).
وعلى الرغم من ذلك الحادث المؤلم الذي كان نتيجة سوء تفاهم، فإن دورة اللجنة المركزية لحزب الشعب الجزائري المنعقدة بزدين قد كانت إيجابية بالنسبة للتوجه الثوري وفسحت المجال للمنظمة الخاصة بتوظيف سائر إمكانيات الحزب من أجل الإعداد والاستعداد لمرحلة الكفاح المسلح، وقد كان قرارها ذلك بسبب ما لاحظه المشاركون من عدم جدوى الاستمرار في طريق ما يسمى بالشرعية السياسية.
غير أن الإقرار بأولوية المنظمة الخاصة لم يمنع حزب الشعب الجزائري من مواصلة هيكلة صفوف الحركة من أجل انتصار الحريات الديموقراطية طبقاً لمقررات مؤتمر شباط سنة ١٩٤٧، ونشر التكوين السياسي والأيديولوجي في أوساط المناضلين المكلفين بتنفيذ البرامج المختلفة. ففي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن الحزب تخلى نهائياً عن بعض التسميات مثل الفدرالية والجهة والقطاع والفرع التي حلت محلها على التوالي: الولاية والدائرة والقسمة والخلية. وفي المستوى الوطني، استحدث اللجان المختصة وحدد أعضاء اللجنة المركزية ما بين ثلاثين وأربعين وأعضاء المكتب السياسي ما بين ثمانية واثني عشر بالإضافة إلى الرئيس والأمين العام، وعندما نريد الاختصار نقول أن تنظيم الحزب ابتداء من سنة ١٩٤٨ قد أصبح مطابقاً للرسم التالي، وهو الشكل الذي سوف يلازمه إلى غاية اندلاع الثورة في أول نوفمبر سنة ١٩٥٤ (٩١).