للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الرغم من الانتصارات التي حققها المكتب السياسي على الجبهتين المشار إليهما أعلاه، فإن حزب الشعب الجزائري قد تعرض لكثير من الهزات التي أربكت صفوفه وأضعفت مكانته بسبب اكتشاف المنظمة الخاصة، وكانت أكثر الهزات تأثيراً على مسار الحزب ومستقبله ما يلي:

أ - الامتثال للقضاء الاستعماري: فاكتشاف المنظمة الخاصة وما تبع ذلك من اعتقالات وتعذيب قاد بالضرورة إلى حصول قوات البوليس الفرنسي على معلومات ضافية بشأن العمليات التي أنجزت خلال الأشهر السابقة، ومن جملة ما أكدته تلك المعلومات مشاركة النائب البرلماني السيد محمد خيضر في عملية بريد وهران وهو ما جعل الإدارة الاستعمارية تطالب بتجريده من الحصانة البرلمانية. وبينما كانت الإجراءات في حيز التنفيذ وقع خلاف داخل القيادة السياسية لحزب الشعب الجزائري حول معقولية أو لا معقولية الاستجابة للاستدعاء الذي يوجهه القضاء الاستعماري لكادر قيادي. أما المكتب السياسي فلم يكن يرى مانعاً من أن يمثل السيد محمد خيضر أمام القضاء إذا رفعت عنه الحصانة البرلمانية. لكن السيد الحاج مصالي عارض الرأي لما فيه من اعتراف بالسيادة الفرنسية ودعا إلى دورة طارئة للجنة المركزية في سبتمبر ١٩٥٠ فوافقته بالأغلبية الساحقة. غير أن المكتب السياسي ومباشرة بعد اجتماع اللجنة المركزية، تجاوز قرار القيادة العليا وطلب من السيد محمد خيضر البحث عن الأعذار والحجج، الأمر الذي أثار غضب بعض أعضاء اللجنة المركزية الذين أستأذنوا رئيس الحزب وتولوا تسفير المعني إلى القاهرة حيث سيتولى تمثيل حزب الشعب الجزائري في المشرق العربي.

ب - سراب التحالف الانتخابي:

لقد كان اكتشاف المنظمة الخاصة وما تبع ذلك من اعتقالات سبباً كافياً ليعود دعاة الشرعية في قيادة حزب الشعب الجزائري إلى المطالبة بضرورة التخلي عن كل أنواع العنف. ويعتبر مثل هذه الموقف تنكرا صارخاً لبرنامج الحزب ودعوة صريحة لممارسة سياسة الإصلاح على حساب التوجه الثوري الذي بدأ مع تأسيس نجم شمال إفريقيا، وكان الحاج مصالي بالمرصاد لأصحاب تلك الفكرة واستطاع أن يجر معه أغلبية أعضاء اللجنة المركزية، لكن الصراع ظل قائماً واتخذ منعرجاً خطيراً مع بداية سنة ١٩٥١، خاصة عندما تحركت في هذا الاتجاه بالذات جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والاتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري. فهاتان التشكيلتان الوطنيتان قد تدخلتا

<<  <  ج: ص:  >  >>