بإرجاع المساجد المحولة إلى كنائس أو متاحف وبتحرير الأوقاف من السيطرة الأجنبية وتمكينها من تأدية الدور الاجتماعي والثقافي الذي وجدت من أجله، ففي هذا الإطار ارتأت الجمعية التركيز على النضال في سبيل تطبيق ... القانون (٤) القاضي بفصل الدين عن الحكومة وبالموازاة مع إعادة تأهيل المسجد والأوقاف، يقوم رجالات الجمعية بتطهير الدين من كل ما علق به من شوائب وبمحاربة التشويه والبدع وسائر أنواع الانحراف التي تفننت الإدارة الاستعمارية في تجذيرها على أرض الواقع الجزائري، كما أنها تعمل على تحرير القضاء وإعادة ربطه بالشريعة الإسلامية.
وإذا كانت هذه الأهداف لاتخرج في مجموعها، عن إطار القانون الأساسي الذي تشكلت، بموجبه، جمعيةالعلماء المسلمين الجزائريين يوم ٠٥/ ٠٥/١٩٣١، فإن النشاط السياسي كمحور أساسي في برنامج عمل الجمعية يعتبر تجديداً يدعم الحركة الوطنية وتستنكره الإدارة الاستعمارية، ففي هذا السياق يقول الشيخ محمد البشير الإبراهيمي:"أن وراء السياسة شيئاً اسمه الكياسة، وهي خلق ضروري للسياسي، وأن السياسي الذي يحترم نفسه يحترم غيره مهما خالفه في الرأي، ومهما كان الخلاف جوهرياً، فإذا لزم النقد، فلا يكون الباعث عليه الحقد، وليكن موجهاً إلى الآراء بالتمحيص لا إلى الأشخاص بالتنقيص"(٥).
إن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ترى من واجبها السياسي أن تتصدى للإندماج في جميع مظاهره وتحارب العنصرية التي يغذيها الاستعمار ويستعملها سلاحاً حاداً لقطع أوصال الشعب الجزائري الواحد، وتقف ضد أمرية السابع مارس ١٩٤٤، لما تنطوي عليه من دسائس ولأنها وسيلة إلى الاندماج وبالإضافةإلىذلك، فإن الجمعية تعمل، ضمن برنامجها السياسي، على تحرير المساجد والأوقاف ورجال الدين والقضاء الإسلامي والحج والصيام، وهي، لذلك مستعدة للجهاد بكل مافي وسعها من إمكانيات.
وبمجرد أن تم انتخاب الجمعية الجزائرية واستقبلت في رحابها ستين نائباً جزائرياً مسلماً إلى جانب الستين من الفرنسيين المسيحيين واليهود، وجهت جمعيةالعلماء المسلمين الجزائريين نداء إلى المسلمين ليطلبوا من الحكومة الفرنسيةأحد أمرين: إما أن تدخل الدين المسيحي بكنائسه وأمواله ورجاله، والدين اليهودي ببيعه وأحباره وأوقافه تحت سلطتها بحيث لا يجري شيء إلا بأمرها وعلى ما يرضيها وإما أن تعامل الإسلام كما تعامل الدينين المذكورين خاصة وأن المسلمين ومعابدهم أكثر عدداً، ومن الواجب أن يكونوا هم القاعدة في