للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثقافياً" كما جاء ذلك في لائحة السياسة العامة التي صادق عليها مؤتمر الاتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري المنعقد في مدينة البليدة ما بين ٣ و٥ أكتوبر ١٩٤٧.

****

رغم كل هذا التباين في المواقف الأساسية، ورغم الأسر الأيديولوجي الذي كان يعيشه، ورغم كل ما كان قد قام به من عمل ضد تشكيلات الحركة الوطنية وخاصة منها حزب الشعب الجزائري، فإن الحزب الشيوعي الجزائري، الذي فتح أبواب قيادته الوطنية لعدد من الشباب الجزائري المسلم المتعلم، قد اختار أسلوباً جديداً في العمل السياسي وضبط مجموعة من الشعارات التي تدل في ظاهرها على أنه فهم الدرس وعاد إلى الرشد يسعى لربح ثقة جماهير الشعب الجزائري ولإقناع أطراف الحركة الوطنية الجزائرية بأنه تخلى عن قناعاته القديمة وأصبح يؤمن بالكيان الجزائري المستقل عن فرنسا.

أول هذه الشعارات جاء مجسداً في نداء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الذي نشرته جريدة ليبرتي في عددها الصادر بتاريخ فاتح جانفي سنة ١٩٤٨ والذي تضمن دعوة الأحزاب الوطنية للتكتل في "جبهة وطنية ديموقراطية جزائرية تعمل في سبيل الحرية والأرض والسلام قصد السير بالجزائر إلى أن تصبح

جمهورية ديموقراطية لها دستورها وبرلمانها وحكوماتها". لكن الجزائر التي يعنيها الشيوعيون هي "ذلك البلد الذي يسكنه ويناضل فيه العرب والقبائل والأوربيون واليهود ومن ثمة فهي ليست عربية أكثر منها بربرية وتركية وفرنسية" (٣٧).

فالجمهورية الديموقراطية الجزائرية التي يهدف الحزب الشيوعي الجزائري لإقامتها منحازة للاتحاد السوفياتي باعتباره القوة العظمى المناهضة للامبريالية ومندمجة في الاتحاد الفرنسي بزعامة فرنسا "الديمقراطية والمناهضة للاستعمار" وبعبارة أدق، فإن الجزائر التي يعنيها الشيوعيون إنما هي تلك التي تأوي الأمة الجديدة التي كان قد بشر بميلادها السيد موريس توريز سنة ١٩٣٩ أما الحركة الوطنية الجزائرية فهي ترفض الانحياز لأية واحدة من الكتلتين وترى "أن الخطر الامبريالي الأمريكي اقتصادي، ومن ثمة فهو لا يهدد سوى البلدان المصنعة التي لا تعد بلدان شمال افريقيا من جملتها".

الشعار الثاني الذي رفعه الحزب الشيوعي معتقداً أنه يستطيع تعبئة الجماهير الشعبية يتعلق بالسلام. فالشيوعيون الذين شاركوا إلى جانب تشكيلات

<<  <  ج: ص:  >  >>