يسعدني أن أضع بين يدي القراء عامة والطلبة خاصة الجزء الثاني من تاريخ الجزائر المعاصر وهو يغطي الفترة الممتدة من سنة ١٩٥٤ إلى غاية ١٩٦٢.
لقد حاولتُ بقدر الإمكان أن تكون الدراسة موجزة وقريبة من الموضوعية التي هي صفة أساسية من صفات البحث العلمي وسعيت مجتهداً وصادقاً، أن أقدمَ من خلال هذا العمل المتواضع أقصى ما يمكن من المعطيات الضرورية لتتبع أهم أحداث ثورة نوفمبر ولفهم كثير من محطاتها الرئيسية.
كما أنني توقفتُ ملياً عند بعض المصطلحات والمفاهيم والتي اعتبرتها مفاتيح الكتابة التاريخية والتي بدون التمكن منها يستحيل الوصول إلى حقيقة اندلاع الثورة وتقفي سائر مراحلها.
إنني تعمدتُ عدم التوقف طويلاً عند القضايا الشائكة التي عرفتها جبهة التحرير الوطني طيلة سنوات الكفاح المسلح، وذلك لإيماني بأن الإنجاز الكبير لا يزيدها إلا تعقيداً وغموضاً. وهذا الاعتراف لا يعد هروباً من المسؤولية خاصة وأني أنجزت دراسة وافية شملت كل تلك القضايا مع محاولة الربط فيما بينها والكشف عن خباياها وتسليط الأضواء عن الضباب الكثيف، الذي أحيط بها ورجائي أن تجد طريقها إلى النشر في أقرب الأوقات.