للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان الاختيار يذهب، غالباً إلى الرجال والشباب، واختلفت الجهات في تقدير عدد القتلى، فالمصادر الفرنسية تحدثت عن حوالي ألف وخمسمائة شخص من بينهم حوالي مائة وعشرين أوربياً.

أما جبهة التحرير الوطني فنشرت، يومها، أسماء وعناوين اثني عشر ألف قتيل وقتيلة. ونحن نعتقد أن شهداء الانتفاضة كانوا أكثر بكثير، نستدل على ذلك بشهادة جندي فرنسي ذكره السيد هورن في كتابه (١) يقول ذلك الجندي الذي يتحدث عن مدينة سكيكدة.

"إننا شرعنا نطلق الرصاص على الجميع بدون تفريق وكان قادتنا يحددون الأوامر باستهداف كل العرب الذين نلقاهم وظللنا مدة ساعتين لا نسمع غير صوت الأسلحة الأوتوماتيكية تقذف النار على الجمهور بعد ذلك جاءت أوامر جديدة تقضي بجمع الأسرى، وفي الغد، على الساعة السادسة صباحاً، سطرت المدافع الرشاشة أمامهم ثم أطلق الرصاص. وبعد عشر دقائق انتهى كل شيء وكانت أعدادهم هائلة إلى درجة أن دفنهم استوجب استعمال الجرافة.

ومهما كان عدد الضحايا، فإنه يبقى قليلاً إذا قارناه بالنتيجة الإيجابية التي تم التوصل إليها. ولئن كان بعض الكتاب والمؤرخين يزعمون بأن عدداً من المسؤولين في المنطقة الرابعة، أمثال عبان ولبجاوي، قد استنكروا أحداث العشرين من أغسطس لأنها تسببت في مقتل أو عطب كثير من المدنيين، وإذا كان هناك من يذهب بالقول إلى أن مؤتمر وادي الصومام قد أدان العملية ووجه، بشأنها، توبيخاً إلى الشهيد زيغود يوسف، فإن الواقع لا يصدق كل هذه الادعاءات لسبب بسيط وهو أن محفوظات الثورة لا تذكر ذلك، بل أن جميع الوثائق المتوفرة لدينا، حتى الآن تمجد الانتفاضة وتعتبرها بعثاً جديداً ومنعرجاً تاريخياً حاسماً في حياة الثورة (٢).

وليس ما أوردته مجرد ادعاء، كما أنه لا تأثير فيه، لا للعاطفة ولا للمغالاة، لأن أحداث العشرين من أغسطس هي التي فرضت على صحافة العالم كله أن تخصص أعمدة كاملة تحت عناوين كبيرة للقضية الجزائرية بمفهوم جديد غير الذي


(١) انظر الستير هورن، ص ١٢٥ و١٢٦.
(٢) أعمال المؤتمر لكتابة التاريخ، ص: ٢١٧، ومابعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>