للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخصبة والمناجم الغنية بالثروات المعدنية وأن يسخر، لاستغلالها، كل السواعد

القادرة على العمل كما سبقت الإشارة إلى ذلك في الباب الأول من هذه الدراسة.

ولكي تتمكن السلطات الاستعمارية من تأييد حالة التبعية في أوساط الجماهير الجزائرية ومن إبقائها في دائرة التخلف، فإنها كانت تطبق بكل دقة مبدأ "فرق تسد".

"فالجزائر لم تعرف الاستقلال في تاريخها، ولم يكن فيها شعب واحد، ولا هي قادرة على العيش بدون وصاية أجنبية. أما سكانها فأجناس مختلفة وقبائل متنافرة متناحرة" (١).

لقد استطاع المؤرخون أن يعرفوا المكتبات بما مفاده أن العناية الاستعمارية قد جعلت من الجزائريين أمة في طور التكوين أهم عناصرها هم العرب واليهود والأوروبيين، ولأنها لم تكن موجودة من قبل، فإنه لا يحق لأبنائها أن يموتوا لكي تبعث من جديد كما أكد ذلك السيد فرحات عباس عندما قال: لو اكتشفت الأمة الجزائرية لكنت وطنياً دون أن أخجل من ذلك خجلي من ارتكاب الجريمة، لكنني لن أموت من أجل الوطن الجزائري لأنه غير موجود. إنني لم أعثر عليه. لقد سألت التاريخ واستنطقتُ الأحياء والأموات وزرت المقابر ولم أجد من يعرف ذلك. إن البناء لا يكون على رأس من الريح (٢).

وفي نفس هذا المعنى كتب السيد بيار مونتانيون "أن فحص ألفي سنة من تاريخ المغرب الأوسط يجعلنا نؤكد عجز الشعب الجزائري عن بناء أمة وإنشاء حضارة. لقد تساءل المؤرخون حول ذلك فلم يجدوا أثراً للدولة الجزائرية ولا لثقافة خاصة تتميز بمؤلفاتها الأدبية وآثارها الفنية. إن تاريخ الجزائر فارغ مثل أرضها التي ليس فيها سوى آثار الآخرين" (٣)

ولم يقف السيد مونتانيون عند مجرد الادعاء، بل إنه حاول إيجاد أسباب للفراغ وللموت المذكورين: وفي نظره، فإن ذلك يرجع إلى كون الجزائر لم


(١) مجموعة من المؤرخين الفرنسيين، تاريخ شمال إفريقيا الفرنسي بدون معلومات حول الطباعة والنشر. ص: ١٧ ومن الجدير بالذكر أن هذه أيضاً، هي نظرية الحزب الشيوعي الجزائري التي ظل يدافع عنها إلى نهاية الأربعينات وكتابات موريس توريس وأقواله في الموضوع معروفة وكثيرة.
(٢) فرحات عباس، جريدة الوفاق الصادرة يوم ٢٣/ ٠٢/١٩٣٦.
(٣) PIERRE MONTAGNONS, LA GUERRE D'ALGERIE. GENESE ET ENGRENAGEE D'UNE TRAGEDIE EDITIONS PYMALION- PARIS ١٩٨٤. P.٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>