للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزائرية حيثما وجدت شروط المشاركة في المعركة مع الأخذ بعين الاعتبار إمكانياتها المادية والأدبية، وعلى سبيل المثال، فإنها ريفية كانت أو مدنية، تستطيع الإسهام في رفع معنويات المقاتلين (١) وفي جمع المعلومات الخاصة بالعدو، والقيام بالاتصال بين المراكز كما أنها تستطيع القيام بالتمويل وتهريب المشبوهين وبمساعدة عائلات المجاهدين والمعتقلين، كل ذلك بالإضافة إلى مهامها كجندية عندما يقتضي الحال.

ولتمكين المرأة من تأدية هذه المهمة النبيلة في وسط اجتماعي كان إلى قبل اندلاع الثورة لا يولي اهتماماً كبيراً للأنثى، أمرت جبهة التحرير الوطني بأن تعامل النساء وفقاً للشريعة الإسلامية التي تكبرهن أمهات وزوجات وأخوات، وسنرى في الحديث عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي كيف أن هذا الأمر قدأحدث تغييراً جذرياً في أوضاع الأسرة الجزائرية.

٦ - ولم تكن حركة الشباب غائبة عن أذهان المؤتمرين خاصة وأن أغلبية مفجري الثورة لم يكونوا قد خرجوا بعد من طور الشباب (٢) وأن الشباب، في الجزائر، كانوا يمثلون أكثر من نصف السكان الإجمالي، زيادة على كون معظم الجزائريين ينضجون في سن مبكرة وينتقلون مباشرة من الطفولة إلى الكهولة نتيجة الفاقة والاملاق والحاجة إلى مصارعة الظروف الصعبة التي يتفنن في خلقها المستعمر الجشع. (٣)

وليس النضج المبكر هو الصفة الوحيدة التي تميز الشباب الجزائري، ولكنه يمتاز كذلك بالحيوية وبالشجاعة والإقدام والتفاني في إنجاح ما تسند له من مهام، وعندما ينظر إليه من خلال الحياة اليومية، يكتشف أنه يتحلى بخصال أخرى كثيرة مثل روح المبادرة والصبر على المكروه والإرادة القوية والرغبة في الانعتاق والتحرير من كابوس الظلم والاستبداد.

ولقد كانت قيادة جبهة التحرير الوطني تعرف جيداً أبناء شعبها. ولأنها تؤمن بأنهم يشكلون مشتلة أصيلة لتزويد جيش التحرير الوطني، فإنها خصصت لهم مكانة يستحقونها في ميثاق وادي الصومام.


(١) تجدر الإشارة، بهذا الصدد، إلى أن الفتاة الجزائرية صارت في كثير من الأحيان، ترفض الزواج إذا لم يكن من مجاهد.
(٢) كانت أعمار ثلثي أعضاء القيادة السداسية لا تتجاوز اثنتين وثلاثين سنة. في حين كان مصطفى بن بولعيد أكبرهم سناً يبلغ من العمر سبع وثلاثون سنة، وكريم بلقاسم خمساً وثلاثين سنة.
(٣) معظم الذين فجروا الثورة كانوا قد التحقوا بصفوف الحزب قبل بلوغهم سن الرشد.

<<  <  ج: ص:  >  >>