للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علمنا أن النواة الأولى التي قررت الدخول في مرحلة الكفاح المسلح كانت قد لجأت إليه ليقود الثورة بعد أن رفض ذلك الشرف مصالي الحاج لأسباب ليس هذا محل التعرض إليها. فالدكتور، إذن، لم يعين من طرف عبان الذي اقتصر دوره على تبليغه رسائل المندوبية. وحتى عندما وصل مصر، فإنه رفض ممارسة المسؤولية المسندة إليه دون قرار رسمي يوافق عليه الجميع وقد صدر ذلك القرار بالفعل عن مؤتمر وادي الصومام، ويبدو أن بعضهم تقبل ذلك بكثير من التردد والحذر.

ولقد كان هناك نوع آخر من التردد لكنه، هذه المرة، خاص بقرار أساسي اتخذه المؤتمر ويتعلق بفتح أبواب قيادة جبهة التحرير الوطني إلى عدد من السياسيين الذين لم يتكونوا في صفوف حزب الشعب الجزائري وما تفرع عنه من تنظيمات سرية أو علنية على حد سواء. إن هذا القرار قد أثار أثناء أشغال المؤتمر معارضة عدد من المسؤولين الذين وصفوه بالانحراف الذي يعرض الثورة إلى خطر الموت لأنه يقضي على وحدة التصور ووحدة التفكير الضروريين للاستمرارية الثورية، لكن مبدأ المركزية الديمقراطية حسم الموقف كما سبق أن أشرنا إلى ذلك.

هكذا، إذن، يمكن القول أن نتائج مؤتمر وادي الصومام قد استقبلت، ظاهرياً، بارتياح كبير من طرف المسؤولين في جميع المستويات، لكنها، في الواقع تسببت في ميلاد صراع داخلي على السلطة كان يمكن أن يغذى وينتشر لو لم يحدث اختطاف الطائرة التي كانت تنقل القادة الأربعة من المغرب إلى تونس في اليوم الثاني والعشرين من شهر أكتوبر سنة ست وخمسين وتسعمائة وألف.

ولقد كانت لجنة التنسيق والتنفيذ تتوقع حدوث بعض التصدع في الصف، لأجل ذلك تقرر إيفاد السادة عمار بن عودة وعمار واعمران وإبراهيم مزهودي إلى تونس قصد شرح النتائج التي توصل إليها المؤتمر، وإيجاد الحلول اللازمة للمشاكل العديدة التي تعترض سبيل تزويد الداخل بالأسلحة والذخيرة.

ومن الجدير بالذكر أن هؤلاء الأخوة لاقوا صعوبات كثيرة وهم يؤدون هذه المهمة الصعبة. ومن جملة الصعوبات التي اعترضت سبيلهم فإن السيد فتحي الديب قد أشار إلى تمرد ما يسمى بقيادة مناطق جيش التحرير الوطني الذين


إلى القاهرة وذلك قبل انعقاد المؤتمر، كان الدكتور دباغين على رأس المندوبية وكان تنظيمه محكماً".

<<  <  ج: ص:  >  >>