للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يختارون من بين الشباب المتعلم قليلاً (١)، وعلى الرغم من قلة الأدوية والعتاد الطبي، نظراً للمراقبة الشديدة التي تفرضها سلطات الاستعمار على الصيدليات والمستشفيات التي تشغل جزائريين، فإن المراكز الصحية التابعة لجيش التحرير الوطني كانت تستقبل، للمداواة العاجلة والضرورية، أعداداً كبيرة من المواطنين العاديين.

وأما في ميدان التعليم، فإن جيش التحرير الوطني قد نظم بنجاح حملات واسعة النطاق لمحو الأمية في صفوفه (٢) قبل أن يشرع في تأسيس المدارس اللازمة لتعليم أبناء الريف، وتمكينهم من الدخول إلى عالم القراءة والكتابة. وكلما كانت الفرصة مواتية كان الأطفال، في سن المراهقة خاصة، يهجرون إلى الحدود الشرقية والغربية حيث الدراسة منتظمة تحت إشراف جبهة التحرير الوطني (٣).

وإلى جانب كل هذه الأعمال الموجهة إلى تغيير صورة المجتمع الجزائري تغييراً جذرياً، وإلى إرساء قواعد الكفاح المسلح وتزويده بالأرضية الصلبة التي تضمن له النجاح، فإن النشاط العسكري والسياسي قد تضاعف بكيفية لم يعد الاستعمار قادراً على إخفاء نتائجها سواء في داخل الوطن أو في خارجه.

فبالنسبة إلى الخارج، استطاعت جبهة التحرير الوطني أن تفرض القضية الجزائرية على الساحة الدولية، خاصة بعد أن احتضنها مؤتمر باندونغ (٤) وتعهد السيد شوان لاي بوقوف الصين إلى جانبها حتى يتحقق لها النصر.

وفيما يتعلق بالداخل، فإن جيش التحرير الوطني قد ارتفعت أعداده من حوالي ٤٠٠ مناضل مسلح ليلة الفاتح من نوفمبر إلى حوالي ٢٣٠٠٠ مجاهد ما بين مسبل وجندي غداة مؤتمر وادي الصومام.


(١) أن عدداً كبيراً من الممرضين خاصة قد اجتازوا الحدود الشرقية والغربية، وبعد أن علموا في المستشفيات التونسية والمغربية أرسلوا إلى بلدان المعسكر الاشتراكي حيث تعلموا لغاتها والتحقوا بمعاهد الطب هناك وتمكنوا بفضل إرادتهم القوية من التخصص في مختلف فنون الطب.
(٢) يجب الأخذ في الاعتبار كون أعضاء جيش التحرير كانوا من أبناء الريف حيث كانت الأمية تزيد عن ٩٥ ولقد استطاعت حملات محو الأمية المتتالية أن تحقق الأهداف المحددة لها، إذ نقصت هذه النسبة إلى أقل من ١٠% عند وقف إطلاق النار. ١٩٦٢.
(٣) تجدر الإشارة إلى أن أغلبية تلاميذ تلك المدارس قد أرسلوا إلى مختلف أقطار الوطن العربي، وبلدان المعسكر الاشتراكي فأتموا دراستهم، وبعد وقف إطلاق النار عادوا ............
(٤) المجاهد، العدد الخاص، ص٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>