ويرى كبار العسكريين الفرنسيين أن تنظيم الإضراب وتمديده لمدة أسبوع كان خطأ ارتكبته لجنة التنسيق التنفيذية، إذ أن إغلاق المحلات التجارية وبقاء السكان في منازلهم سهل على المصالح الاستعمارية المختصة مهمتها فيما يتعلق بمراقبة تحركات المشبوهين، أعطاها فرصة التدخل السريع للمطاردة ولتطويق الأماكن التي تمركزت فيها القيادات السياسية واللجان الشعبية ومجموعات الفدائيين.
ويلح بعض المسؤولين ممن لم يكونوا محبذين للإضراب على أن نظرتهم كانت الصائبة، لأن الكلفة، في حسابهم، كانت أكثر بكثير من الأهداف التي تحققت ومهما اختلفت وجهات النظر وتعددت الأحكام، فإننا نرى *فيما يخصنا، وانطلاقاً من تحليلنا لكل المعطيات والنتائج، أن إضراب الأسبوع كان شبيهاً في أكثر من قطعة بانتفاضة الشمال القسنطيني التي وقعت في اليوم العشرين من شهر آب سنة خمس وخمسين وتسعمائة وألف، ومن ثم وعلى غرار العشرين أوت فهو عملية ناجحة رغم كل ما ترتب عنها من نتائج سلبية ورغم كل ما كلفته من أثمان باهظة في جميع الميادين.
لكن الاعتراف بالنجاح لا يمنع أبداً من القول:"إن الإضراب هو الذي أدى إلى استشهاد العربي بن المهيدي وإلى خروج لجنة التنسيق والتنفيذ من التراب الوطني وبذلك وضعت نفسها أمام امتحان عسير يتعلق بممارسة مبدأ أولوية الداخل على الخارج خاصة.
لقد كانت قيادة مؤتمر وادي الصومام، عندما أبرزت المبدأ المذكور، تهدف إلى استعماله قصد إبعاد مندوبية الخارج عن السلطة وجعلها مجرد مصلحة من جملة مصالح أخرى كثيرة وذلك على الرغم من أن المبدأ في حد ذاته مصيب لأن القيادة الحقيقية للثورة إنما هي تلك التي تكون على اتصال دائم بالقوات المقاتلة، ومن الصعب جداً أن تخضع إلى خارج الولايات، تقود كفاحاً يحتاج إلى أوامر يومية تتوقف نجاعتها على مدى معرفة الميدان معطياته. لكن عبان رمضان الذي لم يكن يخفي عليه ذلك أراد توظيف المنطق والفعالية لتحقيق شيء في نفسه يمكن أن نسميه اليوم حب المسؤولية أو حسابات الماضي.
فالشهيد العربي بن المهيدي، من بين أعضاء لجنة التنسيق والتنفيذ، هو الوحيد الذي ظل وفياً للمبادئ التي صادق عليها المؤتمر عندما رفض الخروج وصرح في آخر اجتماع عقدته اللجنة بتاريخ ١٥/ ٢/١٩٥٧ أنه "يفضل الموت