للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان المجلس الوطني قد اختار بعد نقاش عدم تأييد السيد كريم بالنسبة لطرحه المتعلق بضرورة إسناد مسؤولية الثورة لأقدم العناصر القيادية، وفضل مواصلة السير طبقاً لأسلوب العمل الذي دشنه السيد عبان أثناء مؤتمر وادي الصومام عندما فتح أبواب المسؤولية إطارات متشبعة بإيديولوجية غير التي وضعها نجم شمال إفريقيا، فإنه قد أبدى كثيراً من المرونة عندما تعلق الأمر بمراجعة مبدأي أولوية الداخل على الخارج والسياسي على العسكري.

هكذا، قرر المجلس الوطني وتوسيع نفسه بحيث انتقل عدد أعضائه من أربعة وثلاثين إلى أربعة وخمسين، وقرر كذلك رفع عدد أعضاء لجنة التنسيق والتنفيذ إلى أربعة عشر. وفي الحالتين لم يبق التعيين مقصوراً على العناصر الملتزمة في صفوف حزب الشعب الجزائري وما تفرع عنه بعد الحرب الإمبريالية الثانية. وعلى سبيل المثال، تجدر الإشارة إلى لجنة التنسيق تضمنت السيدين فرحات عباس ومحمود شريف (١) وهما من الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري.

إن الانفتاح على العناصر القيادية الوافدة من الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري ومن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين كان إجراء طبيعياً ومنطقياً في ذات الوقت رغم أنه كان مرفوضاً بدرجات متفاوتة من معظم إطارات حركة الانتصار للحريات الديمقراطية.

أما الصفة الطبيعية للإجراء فمتأتية من كون جبهة التحرير الوطني حركة سياسية مسلحة تهدف أساساً إلى تقويض أركان الاستعمار الفرنسي في الجزائر، ولذلك فهي في حاجة إلى جميع الطاقات الحية بدون استثناء، وليس من المعقول أبداً أن توصد أبواب النضال بجميع أنواعه في وجه المتطوعين له. ولو لم تفعل لتركت *مفتوحة لأبواب المناورات الدنيئة للسلطات الاستعمارية التي كانت تستطيع توظيف الأبواب المغلقة لإنشاء حركات تتناحر فيما بينها وتسهل مهمة العدو الرامية إلى خنق أنفاس الثورة.


(١) من مواليد سنة ١٩١٤ بضواحي مدينة تبسة. تخرج من مدرسة تكوين الضباط في فرنسا وشارك في الحرب العالمية الثانية كواحد من الضباط الشباب الفرنسي الذي استقال منه على إثر مجازر ماي سنة ١٩٤٥ وهو برتبة نقيب. وفي سنة ١٩٤٦في صفوف الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري وأصبح ملاحقاً من طرف الإدارة الاستعمارية. التحق بصفوف جيش التحرير الوطني في نهاية عام ١٩٥٥ وتسلق سلم المسؤوليات إلى أن أصبح قائد للولاية الأولى ثم عضواً بلجنة التنسيق والتنفيذ قبل أن يعين وزيراً للتسليح والتموين. لم يؤدي أي دور سياسي أو غيره بعد استرجاع الاستقلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>