للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشعوب المستعمرة ... أما أنتم، فاسمعوني جيداً إنكم لستم الجيش من أجل الجيش. إنكم جيش فرنسا. لا وجود لكم إلا بها ولها وأنتم في خدمتها. وإن المسؤولية التي أتقلدها لتوجب على الجيش طاعتي لتحيا فرنسا. وأني لمتأكد من أنكم تفعلون ذلك وباسم فرنسا فإنني أشكركم عليه" (١).

أن اعتراف فرنسا بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره بنفسه يعد إنتصاراً كبيراً بالنسبة لجبهة التحرير الوطني، لأنه يسحب ورقة أساسية من أيدي الديبلوماسية الفرنسية التي ما فتئت تشهر في وجه الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة واقع الجزائر كجزء لا يتجزأ من الجمهورية الفرنسية، أما الآن وقد اعترف رئيس الدولة الفرنسية بتمايز الشعب الجزائري عن الشعب الفرنسي، فإن الأمر قد تغير، وسهلت مهمة الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية قصد تحقيق المزيد من الإنتصارات في المجال الديبلوماسي، بل أن طريق التفاوض قد أصبح مفتوحاً وخالياً من كل العراقيل.

ولقد كان هذا هو رأي جبهة التحرير الوطني نفسها إذ في افتتاحية لسانها المركزي، العدد السادس والخمسين: "إن القضية التي حاربنا من أجلها خمس سنوات والتي سجلها أول بيان للثورة وهي قضية تقرير المصير قد حلت بموقفين متكاملين اتخذ أحدهما يوم ١٦ سبتمبر عندما أعلن رئيس الجمهورية الفرنسية، لأول مرة، عن اعتراف فرنسا بحق تقرير المصير للشعب الجزائري، واتخذ ثانيهما يوم ٢٨ من نفس الشهر عندما أعلنت الحكومة الجزائرية قبولها لهذا المبدأ كأساس لتسوية المشكلة" (٢).

لكن الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية كانت، في هذه الأثناء، تعاني أزمة السلطة والنفوذ نتيجة الأحداث التي سبق أن تعرضنا لها في بداية هذا الفصل وبسبب موقف، كريم بلقاسم الذي أصبح، أكثر من أي وقت مضى، يعمل على الإنفراد بالقيادة العليا شاهراً في وجه الجميع كونه الوحيد المتبقي طليقاً وعلى قيد الحياة من بين أعضاء القيادة التي أشعلت فتيل الثورة (٣) ويذكر السيد


(١) شارل ديغول، مذكرات الأمل، التجديد ١٩٥٨ - ١٩٦٢، باريس ١٩٧٠ ص: ٧٨ وما بعدها.
(٢) المجاهد، اللسان المركزي لجبهة التحرير الوطني، وزارة الإعلام، الجزائر ١٩٨٠، الجزء الثاني ص: ٣ من العدد ٥٦.
(٣) خمسة أعضاء من تلك القيادة كانوا بالسجن وهم: رابح بيطاط، محمد بوضياف، محمد خيضر، أحمد بن بلة، وحسين أيت أحمد، وثلاثة استشهدوا وهم: مراد يدوش في معركة بوكركر يوم ١٨/ ٠١/

<<  <  ج: ص:  >  >>