للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بارنادر تريكو (١) الذي تجرأ على مصارحته بما يجري في الجزائر وما ترتب عنه من عواقب وخيمة بالنسبة للشعب الفرنسي، أما عن الجزائر، فقد توقف تريكو طويلاً عند المظاهرات الشعبية التي نظمتها جبهة التحرير الوطني بمناسبتي الفاتح والخامس من شهر جويلية سنة واحدة وستين وتسعمائة وألف، وقدم شروحاً وافية عن اللافتات والشعارات التي كانت كلها تنادي بوحدة الشعب ووحدة التراب الوطني، وتعبر عن مساندة الجماهير لسياسة الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، وتطالب بالتفاوض معها على أساس الإستقلال لكامل الوطن بما في ذلك الصحراء. ولم ينس المستشار تذكير الجنرال بأن تلك المظاهرات قد كلفت الشعب الجزائري حوالي مئة قتيل وأزيد من أربعمائة جريح (٢)، كما أنهى إلى مسامعه تصاعد العمل العسكري والفدائي الذي تقوم به جبهة التحرير الوطني التي أصبحت بالفعل تسيطر على كافة التراب الجزائري.

ومن جهة أخرى، فإنه لم يخف عليه تزايد النشاط التخريبي الذي تقوم به منظمة الجيش السري (المنظمة السرية المسلحة) وأما عن فرنسا، فإن التقارير كلها أجمعت على أن أغلبية الشعب فيها أصبحت لا تخفي تذمرها من سياسة الجنرال ديغول التي طغت عليها حرب الجزائر بما فيها من تقتيل وتعذيب وتمرد الجنرالات ومن إدانات صادرة عن الأمم المتحدة وعن غيرها من المنظمات الدولية، كل ذلك في الوقت الذي تزيد فيه الأوضاع تدهوراً في المجالين الإقتصادي والإجتماعي خاصة.

لم يكن الجنرال متعوداً على سماع مثل هذه الحقائق المزعجة التي تجب إضافتها إلى الإنفجارات التي تستهدف، يومياً حياة الفرنسيين وممتلكاتهم في العاصمة الفرنسية نفسها ثم تلك الحادثة التي كادت تذهب بحياته ليلة التاسع من شهر سبتمبر سنة واحدة وستين وتسعمائة وألف (٣) وما كان قبلها موجها ضد شخصيات فكرية وسياسية بارزة مثل أندري مالرو (٤) وكنيل بلان رئيس بلدية


(١) اليستار هورن تاريخ حرب الجزائر، ترجمة عن الإنكليزية أيف دي قارني، باريس ١٩٨٠، ص: ٤٩٥.
(٢) نفس المصدر، ص: ٤٩٠ وكذلك المجاهد، العدد ٨٣ الصادر بتاريخ ١٩/ ٠٧/ ١٩٦١، ص: ٥٣٥ وما بعدها.
(٣) مذكرات الجنرال، الجزء١، ص: ١٢٩.
(٤) ضابط عسكري ورجل فكر وسياسة فرنسي من مواليد سنة ١٩٠١، له مؤلفات عديدة وحائز على جائرة قاتكور، شارك كطيار في صفوف الجيش الجمهوري أثناء الحرب الأهلية في إسبانيا، قام الإحتلال الألماني تحت قيادة الجنرال ديغول الذي قربه إليه وتصادق معه. وفي سنة ١٩٤٧

<<  <  ج: ص:  >  >>