للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كانت وحدة الفرنسيين قد تجلت في تصميمهم على منع شعوب المستعمرات من ممارسة حقها في تقرير مصيرها بنفسها، متجاوزين، في ذلك، كل القناعات الفكرية والتوجهات الأيديولوجية، وضاربين عرض الحائط سائر المثل والمبادئ والشعارات التي كانت، يومها، تشكل أساس الخطاب السياسي في فرنسا وفي العالم أجمع، فإن الطاقات الوطنية الجزائرية، أيضاً، قد وجدت طريقها إلى التوحد حول برنامج سياسي أدنى ألقت به إلى الشارع في إطار تنظيم اتفقت على تسميته "أحباب البيان والحرية".

إن السيد فرحات عباس هو الذي صاغ القانون الأساسي للتنظيم الجديد بعد أن أخذ موافقة قطبي الحركة الوطنية في ذلك الوقت: السيد الحاج مصالي والشيخ محمد البشير الإبراهيمي. وفي اليوم الرابع من شهر افريل سنة أربع وأربعين وتسعمائة وألف، قدم الوثيقة إلى المصالح المختصة لدى عمالة قسنطينة من أجل الحصول على الترخيص الرسمي الضروري لانطلاق النشاط الميداني في كافة أنحاء التراب الوطني.

إن "أحباب البيان والحرية" تجمع يهدف إلى التعريف ببيان الشعب الجزائري والدفاع عنه أمام الرأي العام الجزائري والفرنسي، كما أنه يرمي إلى المطالبة بحرية التعبير لجميع الجزائريين. ولقد تفنن السيد فرحان عباس أثناء صياغة القانون الأساسي، في اختيار الكلمات والتعابير التي لا تثير حساسية السلطات الفرنسية. وعلى هذا الأساس فإن التجمع الجديد لن يستعمل سوى سلاح القول والكتابة لمحاربة الاستعمار وللتصدي إلى عنف القوات الإمبريالية واعتداءاتها في افريقيا وآسيا ضد الشعوب الضعيفة.

وبالنسبة للعمل داخل الجزائر، فإن التجمع قد حصر مجالات نشاطه في مساعدة ضحايا قوانين الاستثناء والقمع الاستعماري، وتعميم فكرة الأمة الجزائرية وتحبيذ إقامة جمهورية مستقلة ذاتياً ومتحدة مع الجمهورية الفرنسية المتجددة والمناهضة للاستعمار والإمبريالية.

ويرى التجمع أن هذه الأهداف يمكن تحقيقها بواسطة المحاضرات والندوات في جميع الأوساط والأوساط الفرنسية على وجه الخصوص بغرض محاربة الامتيازات التي تستحوذ عليها الطبقات المسيطرة، والدعوة إلى تحقيق المساواة بين الناس وتمكين الشعب الجزائري من حقه في ممارسة الحياة الوطنية مع التذكير بتاريخه العريق وإسهاماته في إثراء الفكر الإنساني وتضحياته في سبيل تحرير فرنسا ومن أجل انتصار الشعوب الأوروبية وقضايا الديمقراطية (١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>