للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبدون تمكنها من إعداد الإطارات والمناضلين إعداداً إيديولوجياً كافياً، لكن هناك ملاحظة لابد منها وهي واقع الجماهير الشعبية في داخل الوطن كان يختلف اختلافاً مطلقاً عن واقع الإطارات والمغتربين الذي قد يكون أعضاء مجموعة العمل اعتمدوا عليه في تقييمهم الذي أخذوا منه لإعداد برنامج طرابلس.

٥ - إن اعتماد النصوص الأساسية للثورة واستنطاق تاريخ غير التاريخ الجزائري (١) وتوظيف ثقافة غير الثقافة العربية الإسلامية حتى لانقول الثقافة الاستعمارية وعدم الرجوع إلى الواقع الحقيقي للشعب الجزائري في داخل البلاد، كل ذلك جعل مجموعة العمل تقدم للمجلس الوطني للثورة الجزائرية نصوصاً نظرية غير قادرة للتنفيذ وبعيدة كل البعد عن مشروع المجتمع الذي مافتئت الحركة الوطنية تدعو إلى إقامته.

بعد هذه الصورة المجملة يعود برنامج طرابلس إلى التأكيد على "أن حرب التحرير التي قام بها الشعب الجزائري قد أعادت للجزائر سيادتها الوطنية واستقلالها، لكن المعركة لم تنته، بل العكس، يجب أن تستمر لتوسيع ودعم الانتصارات (٢) وذلك بواسطة الثورة الديمقراطية الشعبية التي هي تشييد واع للبلاد

في إطار المبادئ الاشتراكية والسلطة للشعب (٣).

فالثورة الديمقراطية الشعبية مصطلح جديد وكذلك الأهداف المحددة لها. لأن الفاتح من نوفمبر وغيره من النصوص الأساسية لجبهة التحرير الوطني تتحدث، (عن) الثورة الجزائرية كحركة جهادية ترمي إلى بناء دولة ديمقراطية اجتماعية في إطار (غايته) الإسلامية.

وعلى هذا الأساس، فإن تحولاً خطيراً قد وقع في إيديولوجية جبهة التحرير الوطني وهو ماجعل السي فرحات عباس يقول عن برنامج طرابلس بأكمله "إنه تعبير غير مهضوم" (٤).

وعلى الرغم من كون الأغلبية الساحقة من أعضاء المجلس الوطني للثورة الجزائرية، ترفض الشيوعية ولاتحبذ المبادئ الاشتراكية، فإن مشروع برنامج


(١) لقد كان أعضاء مجموعة العمل جميعهم ينطلقون من تاريخ الثورة الفرنسية.
(٢) النصوص الأساسية لجبهة التحرير الوطني، ص
(٣) محمد حربي، جبهة التحرير الوطني.
(٤) تشريح حرب، ص١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>